الباحث السوسيولوجيا المغربي / محمد أفارس يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "شيخوخة مجتمع"
على قارعة الطريق في المقهى الذي تعرفه كل زواياه.. والنادل لم يعد يسأله ماذا يريد بمجرد أن يراه يأتيه بالسوداء المرة.. يجلس هناك يبادلها المرارة ويسافر بين صفحات أحد الكتب.. هذه الاخيرة التي يجدها أفضل منقذ من عالم الوهم.. من مجتمع يحشر أنفه حتى في حياة الذباب.. مجتمع من شدة ما انقسم يندم المرء فيه إن ابتسم.. مجتمع حائر بين الماضي والحاضر.. له حمولة تاريخية ضخمة من اساطير القدم الى آخر ما جاءت به الحداثة.. في مساء الأحد ذهب الاستاذ علي رفقة صديق له الى المقهى المعلوم.. سأله صديقه
- يا أستاذ يحيرني أمر الصراع الكبير بين فئات هذا المجتمع.. الكل يدعو الى الاصلاح والمعركة حامية.. أهداف تبدوا مشتركة والسيوف يعلوا بريقها.. قد تموت وأنت تريد أن تفهم.. لدينا قانون واضح ودستور صريح ودين لا غبار عليه ومع ذلك لا تجد في الواقع اثرا لكل هذا.. في المؤسسات يطغى الفساد الكل يقتات على جراح الاخر.. وانا حائر.. تصور معي يا استاذ أنا الان حافظ للقرآن وللقانون والدستور وأينما ذهبت لا ينفعني شيء إلا جيبي أو وجه يلمع اكثر من وجهي.. ماذا افعل يا استاذ؟
-نسيت يا بني أن تحفظ قانون البحار.. نحن في مجتمع شاخ من كثرة التجارب.. مجتمع عاش الاسطورة والخرافة والاديان الاربعة.. مجتمع جرب كل انواع الاستعمار ووجد راحة البال في تقليد الحمار
-ماذا أفعل إذن بكل ما حفظته يا أستاذ ؟
-إقرأه على اطفالك قبل النوم فهذا مجتمع شاخ من كثرة الأوهام.
Post A Comment: