الكاتب / محمد الفراقشي - الباحث في علم النفس- يكتب مقالًا تحت عنوان  "الصحة النفسية للمجتمع"


الكاتب / محمد الفراقشي - الباحث في علم النفس- يكتب مقالًا تحت عنوان  "الصحة النفسية للمجتمع"


 خلف كل سلوك أو أسلوب تعبيري أو انفعال، هناك شخصية تعيش وفق نمط خاص بها نتيجة ظروف معينة، كانت هي السبب في انفعاله أو نتيجة محيطه الاجتماعي الذي له دور مهم في تكوين شخصيته، أو نتيجةً لحالاته الداخلية الوجدانية والذهنية، لذلك على كل إنسان أن يعرف أنه قنبلة من أحاسيس ومشاعر وانفعالات وعواطف، ونختلف فقط في الطريقة التي نعبر عنها وهذا يرجع بالأساس إلى مدى قوة الشخصية أو من عدمها.

 إن الإنسان في تكوينه عبارة عن مجموعة من العُقد النفسية التي تؤطر حياته وكذلك في علاقته مع أفراد المجتمع، ولذلك كان من اللازم جدا أن نهتم بالتكوين النفسي لكل فرد داخل البيئة الأسرية والاجتماعية، وأن نطرح سؤالا مهما: كيف يمكن بناء مجتمع يقترن وجوده بالأمن وبالسلام النفسي ؟

 هذا السؤال يدفعنا لتحيل أسلوب التعبير عند كل شخصية وكيف يتصرف عندما يواجه مشكلة اجتماعية أو في حالة غضب مثلا، الأمر قد يكون عاديا لكن في الحقيقة مهم جدا، فهو يتعلق بالتكوين النفسي للمجتمع من أساسه، فالصراخ مثلا أسلوب تعبيري ينم عن الغضب بالنسبة للبعض وقد تجد البعض يعبر عن ذلك بالبكاء دون أن ننسى أن البعض قد يعبر عن ذلك بالضحك أو قد لا تكون له أي ردت فعل من أساسه، وفي الغالب هؤلاء النماذج ينتابهم الخجل أو يعيش انهيارا نفسيا داخليا الشيء الذي قد يؤدي به إلى حالة مرضية وهي الاكتئاب، وهذه الوضعية المرضية في غاية الخطورة قد تجعل الإنسان يقدم على الانتحار في حالة افتقاره إلى العناية والمصاحبة الاجتماعية ، وهذا ما نجده في المجتمع نظرا لافتقاره لتكوين في هذا المجال، لذلك نجد الكثير من البؤر النفسية التي لها عواقب وخيمة على سلامة وأمن المجتمع .

 ولهذا لا يجب أن نستغرب في السنوات القادمة في حالة انتشار حالات الانتحار أو الجريمة أو حتى حالات الطلاق أو الفصام أو اضطراب الهوية الإنشقاقي... وهذا كله نتيجة الانهيار النفسي الذي سيعاني منه المجتمع نتيجة ظروف اجتماعية معينة وفي الغالب قد يكون سببها الفقر أو انعدام الراحة النفسية والطمأنينة أو ما يطلق عليه بالغداء الروحي للإنسان، وبشكل أدق: التدفق النفسي.

 إن المجتمع البشري بحاجة ماسة إلى الاهتمام بالصحة النفسية للأفراد وإيجاد الحلول المناسبة لكل المشاكل الاجتماعية وخلق مراكز الاستماع وحمالات تحسيسية من أجل الاهتمام بنفسية المواطن في المجتمع وهذا لا يأتي صدفة بل من خلال خلق برامج وأيضا خريطة مستقبلية في هذا الشأن لأن سلامة المجتمع رهينة بالأساس بسلامة الأفراد الذين نتقاسم معهم الهواء، ودون ذلك قد يؤدي بنا للزوال.







Share To: