الشاعر المصري / محمد إبراهيم الفلاح يكتب قصيدة تحت عنوان "الفرارُ مِن الأرض"
******
ندًى كالوردِ تَعشَقُهُ القُلوبُ
فقامَت حول مَورِدِهِ الحُرُوبُ
حَوى فيه الجمالُ الفَذُّ قَسْرًا
وَكادَ يُذيبُ مازِنهُ المَهيبُ
دَواءٌ تَسْتَريبُ بِهِ عُيونٌ
وَتَفنى دون جُرْعَتِهِ السُّهُوبُ
وَلكنَّ البَوائق رَوَّعَتْهُ
فَعادَ وَقَصْدُهُ الثَمَرُ العَذُوبُ
بَدا كالفَيءِ يَحْضُنهُ سحابٌ
وَقالَ وَمُزْنُهُ مَسَّ اللُّغُوبُ
ذَوَى مِنهُ جمالُ الأرضِ طُرًّا
وَظلَّ يَئنُّ يَكْسُوهُ الشُّحُوبُ
فتاةٌ والضِّياءُ بِوَجْنَتَيها
مُنَزَّهَة ٌ عَنِ الشَّحْنا.. تَجُوبُ
مِنَ الظَّمَأ العُضالِ المَوتُ يَدنو
فعادَ وَكُلُّهُ رَقٌّ وَطِيبُ
بَدَتْ كالأرضِ أعْيَتْها شُقُوقٌ
مِنَ العَثَراتِ يَملأها النُّدُوبُ
دَنَتْ منها السِّهامُ السُّودِ حِقدًا
فَكادَ يَجِفُّ ذا الفُوهُ الرَّطيبُ
مُعَلَّقَةٌ وَها الأنداءُ تَشْدُو
بِما ظَفَرَتْ مِنَ الدُّنيا تُهِيبُ
وَظَلَّتْ حَرْبُ أنداءٍ سُطُورًا
بِها يَفنى أُناسٌ لم يُنِيبوا
وَفَرَّ نَدًى تُصاحِبُهُ فَتاةٌ
وَما عادَ النَّدى.. فَرَّ الحَبيبُ
علامَ الحَرْبُ والقَتلى تَنادوا
جَفافُ الأرضِ مِن دَمٍّ يَجُوبُ
فَيَنْقَطِعُ النَّدى وَتَفِرُّ أُنْثى
وَكَيْفَ بِدونِهمْ عَيشٌ يَطِيبُ
بحر الوافر
العَذُوبُ: عَذب أي حلو الطعم والمذاق
الرَّقُّ: الماء الرَّقيق أو الخَفيف
تُهِيبُ: يصيحُ بأحد لِيقفَ أو لِيَرجِعَ
Post A Comment: