الأديب المصري / ابراهيم الديب يكتب خاطرة تحت عنوان "السيارة" 


الأديب المصري / ابراهيم الديب يكتب خاطرة تحت عنوان "السيارة"


من الأمور البديهية أنه من يمتلك سيارة أنه : يستخدمها كوسيلة مواصلات في الأساس، وهناك من يعتبرها رفاهية، و يوجد أيضا أشخاص تتعالى بها على عباد الله،عقيدة بعض محدثي النعمة من الأشخاص، فهو ينطلق يسير بها ذهاباً، وإياباً أمام الجميع من أجل ذلك لعل  لعل النوعية من الناس: تعاني من عقد نفسية مترسبة في أعماقها، ما علينا .


المهم أن ما سبق ذكرهم ممن يملكون سيارات يستخدمونها  لغرض في نفس يعقوب أكتب هذه المقدمة الطويلة لأني: أعرف أحد الأشخاص: يملك سيارة تقف، أو بمعنى أصح راكنة أو مجرشة  ،في مكان واحد ،غالبية الوقت يكون وقوفها  على حجارة، بعد أن يفك صاحبها  كاوتش الأمام ليكون بديلاً عن الذي بالخلف ،ويأتي بكاوتش الخلف ليحل مكانه في المقدمة،  فهذا أفضل ألف مرة؛ من وجهة الفلسفية العميقة التي اكتسبها من  جلوسه في الفترة الأخيرة مع ميكانيكية السيارات... ثم يبتعد عنها عدة أمتار ليرى تأثير عملية التغيير علىها ،ثم لا يقتنع بالتعديل الذي قام به،ثم يقوم بجعل اتجاه السيارة عكس الحالة التي كانت عليها،  ثم يعدل عن القرار الأخير أيضاً بعد أن أصابته الحيرة  ليجلعلها في اتجاه آخر.


ثم يعود عدة خطوات للخلف وهو جالس القرفصاء مائلا بجسده ناحية اليمين بعد  أن يغلق إحدى عينيه،  ثم بنصف الأخرى من أجل دقة التصويب ثم  ينتظر فترة أخرى من الوقت ،ولكن ما زال في نفسه شيء ،فهو لم يقتنع بركنتها فهي: معرضة من وجهة نظره العميقة في فلسفة الركن  والوقوف أن؛ تصطدم بها السيارات المارة بجوارها، فيقوم بتغيير الاتجاه ليكون مكان الكبوت هو اتجاه خلف السيارة ،ثم ينظر لها من بعيد كيف تبدو بعد ذلك  ؟؟ ما زال حائرا وغير مقتنع بكل ما فعل فينادى علي أولاده ليشاورهم في الأمر،.... فيرفضون النزول ليس عقوق له ولكنهم ضجوا من أفعاله؛ الغربية المريبة التي لا تخضع لأي عقل ,ولا منطق ,فقد كان يرسل أحدهم لمكان يبعد عن السيارة مائة متر ليسمع كيف يبدو صوت الكلاكس من بعيد وطلب من أحدهم أن :يصعد لأعلى البيت لكي يشاهدها كيف تبدو هيئتها وصورتها هل كما هي في الشارع، ولسماع الكلاكس أيضا وهل تختلف نبرته على الأذن أم لا ؟.... 


ثم يوافق احد أولاده النزول  ، ومن ثم يرسله لاستدعاء ميكانيكي لأخذ رأيه فيما فعل من تلقاء نفسه بالسيارة  فيوافقه الرجل علي أشياء ،ويعترض على أخرى، ثم يقوم باستدعاء آخر أكثر منه خبرة في الصنعة: ليعقب علي ما ؛ قاله الميكانيكي الأول ،وهكذا أصبح يقضي أكثر وقته تحت السيارة ،وبجانبها؛ لمراقبة هيئتها من كل الزوايا وخاصة من بعيد!! وقليل ما يذهب للبيت ....  ثم يصعد هو شخصيا  للسطح لينظر  كيف تبدوا من أعلي لأنه لا يثق في رأي إبنه بعد أن  نسى الرجل تماما لماذا أشتري السيارة وما هي وظيفتها ،  يمر عليه أحد أولاده  وهو منهمك كعادته في عمليات التصليح الأزلية الأبدية التي لا تنتهي.


بعد فترة يسأل  ابنه عن رأيه في عمليات التصليح والتغير المستمرة بالنسبة للسيارة يستوضحه ،وينتظر أو يتمنى أن يسمع جواباً بالموافقة على ما يقوم به، هل نحن نسير في الطريق الصحيح،؟ فينصحه ابنه بلهجة أقرب للرجاء من الطلب أن يتخلص منها في أقرب رحمة بالأسرة كلها من سعادتنا جميعاً الحل الوحيد أن تبيعها ،  وجه الكلام لأبيه بحدة غير معهودة  هذه المرة ...اتضح بعدها أن هذه الشدة في الاسلوب والإصرار الشديد على التخلص منها كان: بإيعاز من والدته ثم أردف الابن :أن كل من يمتلك سيارة يستخدمها في تيسير أموره لتصبح حياته أجمل وأسهل وأكثر رفاهية، الا نحن فنقوم على الدوام بتغيير الكاوتش، والتصليح والغسيل المستمر  لها،وحمل جرادل الماء والصابون ثم لا نذهب بها لأى مكان،  علاوة على تغيير اللون  والاتجاه ومراقبتها من بعيد، فنحن من نقوم علي خدمتها بعد أن حدث العكس، فهى سوف تستهلك طاقتنا جميعاً ، العكس هو الصحيح يا أبي وهو أن نستمتع بها و تكون  وسيلة راحة لنا، فنحن لم نعد  نراها إلا قطع مفككة الأبواب تقف علي حجارة وأنت نائم تحتها  ثم أخبره  في مفاجأة أن السيارة عليها أكثر من عشر محاضر ؛اشغال طريق حررها ضدنا موظف المجلس المحلي لأنه أعتبرها هدف ثابت وليس متحرك ،ثم أردف بعد فترة صمت.... تخلص منها يا أبي قبل أن تخلص هي عليك وعلينا..




Share To: