الأديب التونسي / البشير عبيد يكتب قصيدة تحت عنوان " الرحيل إلى بهاء المكان" 


الأديب التونسي / البشير عبيد يكتب قصيدة تحت عنوان " الرحيل إلى بهاء المكان"



لا تخف من ذاكرة البلاد الغارقة في نفق

الانكسار

بل كن قريباً من دفاتر الرعاة

و صياح الباعة المتجولين

و صراخ أطفال الشوارع...

كن بعيدا عن صمت الحياد

و اخضرار العشب قبل الغروب..

لست وحدك هنا

الكل يسال عن ورقات الرحيل

و انفتاح المرء على فضاءات

الدهشة....

انت الآن هنا 

وحيد مثل زقاق قديم 

يبحث عن رفاق ضاعوا في الطريق.....


ربما كانوا فرادى أو جماعات

ذاهلين

و سابحين بابصارهم في الفيافي

ليس لهم في ورقات الزمان

ما تقوله الاهات 

وما تبطنه الروح

بالامس صباحا باغتني الولد الكسيح

بالسؤال:

لماذا كل هذا الهروب من صمت الحياد؟

و ارتباك ألاصابع حين تلمس جمرات

النهوض...

ليس بامكانك ان تنام وحيداً 

قرب الزقاق المتاخم للضباب

ها هنا نساء شاحبات

و أولاد يبحثون عن اسماءهم

في الخراب


كل صباح يباغتني بالعناق و زهرة اللوتس

على طاولة الذكريات

الآن تكتب الايادي ورقات الاحتجاج

لا تخف من ذاكرة البلاد الغارقة في نفق

 الانكسار 

كن قريبا من دفاتر الرعاة

و صياح أطفال الشوارع

كن بعيدا عن صمت الحياد

و باحثا عن غروب الزمان

ها هنا جدار الاجداد و متاهة

الاحفاد

كاني بهم يستعجلون الرحيل

و تاخذهم خطاهم إلى البيادر

بلا مدد أو سند

فجأة يصيح الفتى في الجموع:

خراب هذا أم بلد؟!

لست ادري..يجيب شيخ هارب من ضباب

المرحلة

ربما قطعة من عاصفة الجنوب...


ماسكا باحلامه قبل الغروب

تراه النساء الشاحبات

لا تهمه اخبار الفنادق

و ما تكتبه تقارير الحرس القديم...

هو العاشق دوما للفيافي و الروابي

هو الهارب من ضجيج العواصم

و احتماء الثكالى بالصقيع

ليس في الاقاليم البعيدة ما تترقبه الروح 

و ليس في المسافات القريبة عشاق 

الغنيمة...!

هنا أولاد و أحفاد و موسيقى 

هنا ذاكرة الاجداد و متاهة الاحفاد

على الطرف الآخر من المكان البهي 

ورقات يتيمة

و أصوات خارج الاسوار


قبل غروب الشمس٫يصيح الفتى في الجموع:

لابد لي من حبر و جمر و نساء ذاهلات

لابد لي من ذاكرة عصية عن النسيان 

ترسخ آخر ما تبقى من  الحصون....

ليس لي ما ادعي ما ليس لي

سوى ان الكلام المسافر إلى الاقاصي

هو دربي و بوصلة الهاربين من ضباب

المرحلة.....






Share To: