الأستاذ الدكتور عبد العظيم أحمد عبد العظيم يكتب : (اللُمْعَة ... في حكم صيام عرفة يوم الجمعة)
كَثُر اللغطُ حول جواز صيام يوم عرفة إذا أتى يوم الجمعة، مع النهي عن إفراد يوم الجمعة بصيام، ومن ثم نقول:
أولا = حكم صوم يوم عرفة:
اتفق الفقهاء على استحباب صوم يوم عرفة لغير الحاج - وهو: اليوم التاسع من ذي الحجة - وصومه يكفر سنتين: سنة ماضية، وسنة مستقبلة، روى أبو قتادة - رضي الله تعالى عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده (صحيح مسلم) .
ويحرم على الحاج صوم يوم عرفة، لأنه في عبادة أقوى وهى الحج وهى فريضة، وصوم عرفة سنة، لما روت أم الفضل بنت الحارث رضي الله عنها أنها أرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقدح لبن، وهو واقف على بعيره بعرفة، فشرب (صحيح البخاري) .. وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه حج مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم أبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان، فلم يصمه أحد منهم (سنن الترمذي) ، لأنه يضعفه عن الوقوف والدعاء، فكان تركه أفضل، وقيل: لأنهم أضياف الله وزواره.
ثانيا = حكم صوم يوم الجمعة منفردا:
لا بأس عند الحنفية بصوم يوم الجمعة بانفراده، وهو قول أبي حنيفة ومحمد ويندب عند المالكية، لما روي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أنه كان يصومه ولا يفطر.
وقال أبو يوسف: جاء حديث في كراهته إلا أن يصوم قبله وبعده، فكان الاحتياط أن يضم إليه يوما آخر، قال ابن عابدين: ثبت بالسنة طلبه والنهي عنه، والآخر منهما النهي؛ لأن فيه وظائف، فلعله إذا صام ضعف عن فعلها.
ومحل النهي عند المالكية هو مخافة فرضيته، وقد انتفت هذه العلة بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى كراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم، لحديث: لا يصم أحدكم يوم الجمعة، إلا أن يصوم قبله أو بعده (صحيح البخاري) وليتقوى بفطره على الوظائف المطلوبة فيه، أو لئلا يبالغ في تعظيمه كاليهود في السبت، ولئلا يعتقد وجوبه، ولأنه يوم عيد وطعام (حاشية ابن عابدين) .
الخلاصة:
1-يجوز إفراد صيام يوم عرفة إذا أتى يوم الجمعة، لأن الصائم قصد تعظيم عرفة بالصوم لا تعظيم الجمعة، و(الأمور بمقاصدها).
2-إذا صام الخميس وأتبعه بصوم الجمعة فهذا أولى، خروجا من الخلاف.
3-من أفرد عرفة بالصيام يوم الجمعة لا يجوز الإنكار عليه، فالقاعدة المعروفة في آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {عدم الإنكار فيما فيه خلاف سائغ}.
4-يحرم صيام يوم العيد للحاج ولغير الحاج؛ سواء أفرده أم قرنه بيوم قبله أو بعده.
5- من صام يوم عرفة أُجر.. من لم يصم فلا إثم عليه.
6- ينبغي ألا ينقسم الناس في خلافات الفروع وينسون الأصول. فمن الأصول: المحبة في الله والنهي عن التفرق، وتوقير أهل العلم، واحترام الآخر وإن خالف مذهبك.
هذا... والله أعلى وأعلم... وكل عام وأنتم جميعا في خير وسعادة وقرب من الله.
الأستاذ الدكتور - عبد العظيم أحمد عبد العظيم
أستاذ جغرافية الأديان- جامعة دمنهور- مصر
Post A Comment: