الكاتبة اللبنانية / قمر المعلم تكتب نصًا تحت عنوان "أمي"


 

الكاتبة اللبنانية / قمر المعلم تكتب نصًا تحت عنوان "أمي"


ها أنا أخطُّ أولى كلماتي بقلمٍ مليئٍ بالشّغف و الطموح و الآمال

نحو مستقبل مزهر بالإنجازات

فعند اختيار موضوعي الأول لم أستغرق تفكيراً مطولاً للإختيار 

بل سلمت إلى صوت قلبي 

ذلك المكان الذي خاطبني و قال لي: 

"كيف لكِ أن لا تتوجي أولى نصوصك بأمّكِ 

تلك المرأة العظيمة صاحبة الفضل الأوّل بما وصلتي إليه اليوم من بعد اللّٰه عزَّ و جل 

و التي جعلت عروق جسدها حبال نجاتكِ 

من عالم الطفولة إلى عالم مزهرٍ بزهر النّضوج و النجاح و الأمل" 

فلو لم تكوني أمي كنت رسمتكِ على الورق 

كنت حفرتكِ على جذع الشجر 

كنت غزلتكِ من خيوط الشّمس

كنت كونتكِ من بريق القمر 

كنت رسمت أمًّا مثلك 

و لكن أين هناك مثلكِ يا حنونةٌ أنتِ

فأنتِ صراطي و استقامي

و قراري و رأيي

أنتِ أحاسيسي و اختياراتي 

محيطي أنتِ و بحري و نهري 

حافظة أسراري و كتف همومي 

كيف أوصفكِ أصديقةٌ أنتِ أم أختٌ كنتِ 

كلّا و ألفُ كلّا أنتِ أمي 

 و آه من كلمة أمي 

فهي كفيلة أن تلخص ألقاب الكون بأكمله. 

صلبة أنا قوية مثل الحجر الصواني 

قادرة أن أقول ألف لا بوجه كل خلق الله 

و لكن أمامكِ 

أمام حنانكِ و حبكِ

أمام تضحياتك

 جبانة أنا 

فكيف لي أن أقول لا بوجه التي لم تتذمر يوماً من ألم المخيض 

و لم تزعجها تشقُّقاتِ الولادة 

أآلمتك أنا يا أمي؟ 

أجعلتك تذرفين الدمع عند وضعي؟ 

أخسرت صحتك في سهر الّيالي الطويلة إلى جانبي؟ 

أتعبت من حملي؟ 

أكثرت همومي عليكِ؟ 

فلو استطعت أن أعيد الزمن إلى الوراء 

لأعدته و ما آلمتك يوماً يا أجمل ألواني يا آذاري و نيساني و يا جمال كل شهوري

فلو ضيّعني دربي 

و لو ضيّعني عنواني 

فما أنا خائفةٌ يا أمّاه 

فكيف لي أن أخاف و كل طرقي آخذة بي إلى قلبك؟

طاهرةٌ أنتِ كطفلةٌ في المهد ولدت حديثاً. 

رقيقة كنسمة هواء تداعب وجنتايا فتمسح دموعي. 

هادئة كهدوء الليل في قطرات الندى 

و جميلة كجمال الشمس في ظهر يومي 

ماذا أعطيتكِ أنا يا أمي؟ 

ماذا قدمت لكِ من قدري؟ 

لتكافئيني بكل هذا الحب و الأمان و السكينة 

من أين أتيت بذلك القلب الواسع جداً جداً؟ 

كيف لك أن تكوني بذلك القدر من التسامح و الرحمة؟ 

من أين تلك القوة؟ 

 من أين تلك القدرة على التحمل؟ 

كيف لي أن أشكر الله؟ 

فلو ركعت ليلاً و نهاراً 

و لو صلّيت بدل الخمسة مئة 

لما أوفيته جميله فيكي. 

كيف غيرتِني كيف كونتِني من قطعة ضعيفة مكسورة و هشة 

إلى فتاة قوية صلبة لا تهزمها الأيام و لا تتعبها الدنيا 

أعطِني السر يا أمي 

كي أكوِّنَ أطفالي كما كونتي شخصيتي و قوتي و إرادتي 

فأشكرك من صميم قلبي لأنك جعلتِني صورة عنك عند النظر في مرآتي أراكي 

كيف لي أن أختم كلماتي عنك 

فوالله لو ختمت نصّي

ما انتهت الكلمات عنك داخلي 

فأحبك جداً و جداً  و جداً 

و ألف شكرٍ و إن لم توفيكي الكلماتُ

فأمي حتّى آخر نبضٍ في وريدي



Share To: