الأديب الجزائري / عبدالعزيز  عميمر يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "إجازة لزيارة الأرض" 


الأديب الجزائري / عبدالعزيز  عميمر يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "إجازة لزيارة الأرض"



_ يدخل إلى الأرض ويزور المدينة ،بعد أخذه رخصة الخروج،التي وجدها تحت وسادته، بناء على نيّته،

يشتاق للأرض التي عمٌر فيها طويلا ثمّ ارتحل مثلما هو مبرمج سلفا،كيف هي الأحوال؟ وكيف هم ناس الدنيا!؟ أظن أنهم مازالوا بنفس النمطية، سلوك متكرّر

مملّ! دخل ضمن العادة،يظهر تلقائيا،يتحكّم فيه اللاشعور،بدون انتباه تام من الفرد،طاحونة تدور! وتدور! تأكل الغير بأسنانها،فإن لم تجد تدور على نفسها،فتطحن نفسها بنفسها.


هنا بالضبط كان يجلس ! على الكرسي الخشبي! يطالع

الجريدة،او يتأمل الاخضرار ،ويستمتع برؤية طيور الأرض والإنصات لزقزقتها! الكرسي خال،مبلًل بقطرات

مطر،ولم يبصر إلاّ القليل من رواد الحديقة! عجيب مازال الإنسان طاغيّة، في غيّه ،وفكرة عاد وثمود تتكرًر، يظن بأنه يعيش الحقيقة ههههه وتنقل له 

حواسه كلّ شيء ! غباء! ما بعده غباء!ويده طويلة! مع

التكنولوجيا،إنسان بدائي بافكار طفل لا يتجاوز عمره

السنتين ،وربمّا مازال لم يفطم بعد! خسروا أرضهم! وضاعت بحماقة التطور،ودمّرها الكربون.


أنا من الأعلى انظر بعين النسر،ماهذا يا إلهي! مصانع

فارغة! ومؤسسات خالية! دُمّرت الساتلات،والاقمار الصناعيّة للبثّ،وانعدم الاتصال! لا انترنت! ولا تلفزيون! والمعلومات شحيحة!


أغلقت مصانع الأسلحة والطائرات،وكل ماله علاقة

بالاتصال الرقمي،رجع الإنسان للصفر ،للبداية،حتى

الثكنات العسكرية ملآنة بالخيول،وعاد الجنود للسيوف والخناجر،ورجعت فرقة الخيّالة!


ظهرت وبرزت للوجود حرف قديمة،مثل الحدادة،وبيع

الفحم،وبيع الاعشاب والمكملات الغذائية،تلاشت المراكز التجارية الكبرى! ههههه تبيع الفحم! والحبوب الجافّة وترقّع الأحذية!


ماذا أرى،ينبغي أن أقترب أكثر! ناس في الشوارع

تتسوّل بسبب غلق كل المصانع،أسمع وارى جماهير 

في عديد البلدان،مظاهرات! هتافات ( الخبز! الخبز!

أعطونا الخبز،،،! ) 

اللهمّ الطف ياكريم!

فوضى في الشوارع ،سرقة المحلات ، ونار تشتعل وناس تتدافع للنهب والخطف !،،،


لم أكن أتوقع هذا! لحضارة تطير كحبات رمل ،،،،،،

وهنا أرى اسواق الحيوانات،خيول! وجمال! وبغال! وحمير! وهي عملة نادرة وخاصة الخيول أخذتها الجيوش، لغياب السيارات والشاحنات،والمدرعات!

الاستثمار في تربية هذه الحيوانات ،أصبح مطلوبا

جدا للخدمة! بعدما قلت وسائل النقل! وتفطّن الناس وتأسفوا لترك هذه الحيوانات ،وهجر القرى والأرياف 

واللجوء للمدن التي خنقتهم بالكربون.


أكبر الشركات خسرت،وطردت العمال،وخاصة تلك المعتمدة على التسيير الآلي وعلى الانترنت،وهذا ما وقع للبنوك، يصطفّ الناس يوميا بالمئات،لاستخراج

أموالهم المودعة ،فوضى لا احد يعرف مدخراته

وقيمتها،وكم بقي من رصيده،الحواسيب عاطلة،،

صناديق بدون حركة.


هذا مابذرتم فأنتم تحصدون النتائج! لوجعلتم

الأرض صديقكم! وأمكم! وحافظتم عليها لما وقع كل هذا! حضارة التفرعن ،والتجاوزات،والمآسي والحروب.

بدأت خيوط الفجر تظهر وعلي العودة قبل أن تنتهي إجازتي! سأرجع فأحبابي في انتظاري،سأدخل عيونهم الزرقاء، وأبحر بدون مجداف،وتسدل ستائر الرموش وتغطيني،لا أعرف المدّة ولا كيف انتقل! وانّما انوي فقط! يُسمَعُ نِدائي ! بدون أن أتكلم  أو افتح فمي!


تعبت من الجولة التي قمت بها إلى الأرض،وعطشت! وجعت! فتحت عينيّ،أمامي ماء زلال من شلاّل الهضبة وفواكه غريبة ! وأكل! الحمد لله،تقول الصحون: سمع الله لمن حمده ثم تطير للمغسل تنظّف

نفسها وتعود تصفّف نفسها فوق مراتب بلون اخضر برّاق، وأرتدي أنا لباس حرير برائحة العنبر والمسك ،وهو أخضر اللون،وأتجه صوب وسادتي

 وهي تمدّ يدها ليدي تجذبني للفراش الطائر،معلّق بأغصان الأشجار تَحُفّ حوله البلابل والببغاوات تنشد ، اسمع ! واسمع! وأذوب شيئا فشيئا،ويندمج الجسم في 

شعاع وأتلاشى في قطن من نور وأغيب في عالم آخر،وزني وزن ريش عصفور صغير يقدّر بالغرامات .






Share To: