فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "التهنئة بالعام الهجرى الجديد" و  "حكم صوم شهر الله المحرم كاملا" و "شهر الله المحرم وفضائله" 


فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "التهنئة بالعام الهجرى الجديد" و  "حكم صوم شهر الله المحرم كاملا" و "شهر الله المحرم وفضائله"



التهنئة بالعام الهجرى الجديد


عجبتُ من دعوى بدعيّة التهنئة والمباركة بمناسبة قدوم العام الجديد.


هذا العمل مشروع جائز ، فالمباركة بقدوم العام الهجري الجديد ، سواءٌ أكان ذلك على سبيل الدعاء ؛ كأن يقول القائل :


 " كُلَّ عامٍ وأنتم بخير " .


 أو كان على سبيل الإخبار والرجاء والوصف ؛ فكله من قبيل العادات التي تجري في المناسبات العامة ، وليست من قبيل اتخاذ ذلك موسماً تعبدياً كالعيد .


إنّ العيد له أحكامه الخاصة ، ومنها الصلاة والخطبة وتحريم الصوم وغيرهما .


أمّا التهنئة ببدء العام الهجري الجديد فليس فيه ما يمنع ؛ وعدم ورود شيءٍ من ذلك عن الصحابة الكرام أو التابعين الأجلاء لا يلزم منه المنع من التهنئة والمباركة بقدومه ؛ إذ العادات المتعلقة بالمناسبة تتجدد وتتطور في زمنٍ عن زمنٍ ولكل زمن عاداته الخاصّة .


🌾والذي رجحه الحافظ ابن حجر أنّ التهنئة بقدوم الشهور والأعوام أنها مندوبة .


🌴جاء في حاشتي قليوبي وعميرة في الفقه الشافعي : 


🌱 فائدة : 


التهنئة بالأعياد والشهور والأعوام  : 


قال ابن حجر مندوبة ويستأنس لها بطلب سجود الشكر عند النعمة وبقصة كعب وصاحبيه وتهنئة أبي طلحة له .


🌴وقال البيجوري وهو المعتمد :


ونقل القمولي عن الحافظ المنذري عن الحافظ أبو الحسن المقدسي :


 أنه سئل عن ذلك فأجاب بأن :


" الناس لم يزالوا مختلفين فيه ، والذي أراه أنه مباح لا سنة فيه ولا بدعة" .


🌴وهو الموقف الذي طبّقه العلاّمة ابن سعدي فقد كتب لتلميذه الشيخ الحنبلي ابن عقيل كتاباً في ٣/ محرم ١٣٦٧ه‍ وكان في ديباجة رسالته: 


"... ونهئنكم بالعام الجديد ، جدّد الله علينا وعليكم النعم ، ودفع عنا وعنكم النقم" .


🌴وبهذه المناسبة أقول :


مبارك عليكم قدوم العام الهجري 1444 ، جعله الله عام خير وبركة ونصر للمسلمين ، ورزقكم فيه ما يُسعدكم في دينكم ودنياكم .


وأخيراً : 


أبارك لكم قدوم  عام هجري جديد نستذكر فيه أن هجرة الرسول من مكّة للمدينة وإن كانت هجرة من دار كفر وخوف إلى دار إسلام وأمن .


 إلا أنها كانت هجرة لبناء الصحابة إيمانياً في بيئة أخرى ؛ فهي بيئة نظيفة نقية مساعدة في عامل الإصلاح والتربية والحفاظ على المسلمين الجدد .


 فقد أسلم القوم في ديارهم وآثروا الإيمان وابتنوا المساجد قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين . 


لهذا وصفها الله دار إيمان فقال:


{ والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}.


فكانت منطقة شعشع فيها ضوء الإسلام  وشاعت فيها الأخلاق الفاضلة وعلى رأسها الحب للمسلمين القادمين ، وعدم البخل عليهم بالمال والدار ؛ بل إيثار بعضهم بعضا لإخوانهم مع شدة حاجتهم لما يعطونه إياهم وقدرتهم على الأثرة به..!!


غير أن حظوظ النفوس ذابت في الحضيض ؛ فاستحقت هذه المدينة البهية المنورة بقدوم النبي الكريم محمد ﷺ فكان أسطع نور حل فيها ؛ فأضاءت المدينة بنور الإسلام واستضاءت أيامها بإقامة نظام عدل إسلامي في منطقة خصبة ؛ وحاضنة حقت فيها كل معاني التأييد والتسديد .


فرضي الله عنهم .


وصلى الله وسلم على سيدي وحبيبى محمد صلى الله عليه وسلم .



▪️حكم صوم شهر الله المحرم كاملا


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


أفضلُ الصِّيامِ بعدَ شهرِ رمضانَ شهرُ اللَّهِ المحرَّمُ وأفضلُ الصَّلاةِ بعدَ الفريضةِ صلاةُ اللَّيل .


صحيح النسائي .


أقوال المذاهب الأربعة في استحباب صيام شهر المحرم كاملاً :


 أولاً : مذهب الحنفية :

 

جاء في عمدة القاري للعيني (84/11) :


 ما يدل على استحباب صومه كاملاً ؛ لأنه تعرض للجواب عن نفي عائشة رضي الله عنها صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم شعبان كاملاً .


ثانياً : مذهب المالكية :


جاء في التبصرة 2/815 :


الأشهر المرغب في صيامها ثلاثة : 


المحرم ، ورجب ، وشعبان .


وفي شرح مختصر خليل :


يستحب صوم شهر المحرم وهو أول الشهور الحرم .


وفي الدر الثمين للمالكي (ت 1073 :


وأما استحباب صوم المحرم فإنه عنى صوم المحرم كله وهو الظاهر ؛ ففي صحيح مسلم ثم ساق حديث أبي هريرة .


ثالثا : مذهب الشافعية :


جاء في المجموع للنووي6/387 :


قوله صلى الله عليه وسلم :


صم من المحرم واترك إنما أمره بالترك ؛ لأنه كان يشق عليه إكثار الصوم كما ذكره في أول الحديث فأما من لم يشق عليه فصوم جميعها فضيلة . اهـ


وفي روضة الطالبين للنووي 388/2 :


الأشهر للصوم بعد رمضان ، الأشهر الحرم ، ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب. 


وأفضلها : المحرم ، ويلي المحرم في الفضيلة ، شعبان .


وفي مغني المحتاج 187/2 :


أفضل الشهور للصوم بعد رمضان الأشهر الحرم وأفضلها المحرم لخبر مسلم .


وفي تحفة المحتاج 461/3 :


بعد أن ساق كلام النووي السابق قال :


ومن ثَمّ قال الجرجاني وغيره : 


يندب صوم الأشهر الحرم كلها .


رابعاً : مذهب الحنابلة :


جاء في شرح العمدة لابن تيمية 548/2 تحت الكلام على صيام شهر محرم : 


وهذا في أفضل الصيام لمن يصوم شهراً واحداً ، والأول( الظاهر أنه يقصد حديث صيام داود) أفضل الصيام لمن يصوم صوماً دائماً في كل وقت .


جاء في المبدع لابن مفلح3/51 :


*«وأفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم» 


رواه مسلم من حديث أبي هريرة .


وأضافه إلى الله - تعالى - تفخيما وتعظيما كناقة الله ، ولم يكثر - عليه السلام - الصوم فيه إما لعذر أو لم يعلم فضله إلا أخيرا .


 والمراد : أفضل شهر تطوع به كاملا بعد رمضان شهر الله المحرم .


 ونحوه عن البهوتي في كشاف القناع 388/2 .


والله أعلم



▪️شهر الله المحرم وفضائله 

 

يقول الله تعالى في محكم آياته : 


إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ


 [التوبة : 36] 


إن شهر الله المحرّم شهرٌ عظيم مبارك ،وهو أول شهور السنة الهجرية وأحد الأشهر الحُرمِ .


ففي الصحيحين عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :


إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ


وقد شَرَّف اللهُ تعالى هذا الشَّهرَ من بين سائرِ الشُّهورِ فسُمِّي بشهرِ اللهِ المُحَرَّمِ فأضافه إلى نفسِه تشريفًا له وإشارةً إلى أنَّه حرَّمه بنفسه وليس لأحدٍ من الخلقِ تحليلُه .


وقد رجَّح طائفةٌ من العُلَماءِ أنَّ مُحَّرمًا أفضَلُ الأشهُرِ الحُرُمِ .


قال ابنُ رجب : 


وقد اختلف العلماءُ في أيُّ الأشهُرِ الحُرُمِ أفضَلُ ؟ 

فقال الحسَنُ وغيرُه :


أفضلُها شهرُ اللهِ المُحَرَّمُ ورجَّحه طائفةٌ من المتأخِّرين .


ويدُلُّ على هذا ما أخرجه النَّسائيُّ وغيرُه عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال : 


سألتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أيُّ اللَّيلِ خيرٌ وأيُّ الأشهُرِ أفضَلُ ؟ 


فقال : خيرُ اللَّيلِ جَوفُه وأفضَلُ الأشهُرِ شَهرُ اللهِ الذي تَدْعونَه المُحَرَّمَ .


قال ابنُ رجب رحمه الله : 


وإطلاقُه في هذا الحديثِ أفضل الأشهر محمولٌ على ما بعد رمضانَ كما في روايةِ الحسَنِ المرسَلةِ .


#ومن أهمِّ أحكامِ هذا الشَّهرِ: 


تحريمُ القتالِ فيه : 


فمن أحكامِ شهرِ الله المُحَرَّم تحريمُ ابتداءِ القتالِ فيه .


قال ابنُ كثير رحمه الله : 


وقد اختلف العُلماءُ في تحريمِ ابتداءِ القتالِ في الشَّهرِ الحرامِ هل هو منسوخٌ أو مُحكَمٌ ؟ 


على قولينِ : 


أحدُهما وهو الأشهَرُ :


أنَّه منسوخٌ لأنَّه تعالى قال هاهنا :


 {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ}


 [التوبة : 36] 


وأمَرَ بقتالِ المشركين .


والقولُ الآخَرُ : 


أنَّ ابتداءَ القِتالِ في الشَّهرِ الحرامِ حرامٌ وأنَّه لم يُنسَخْ تحريمُ الشَّهرِ الحرامِ لقولِه تعالى : 


{الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} 


البقرة (194) 


وقال الله تعالى :


{فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}


التوبة (5) 


وقد كانت العرَبُ تعَظِّمُه في الجاهليَّةِ وكان يسمَّى بشهرِ اللهِ الأصَمِّ مِن شدةِ تحريمِه .


#ومن فضائل شهر المحرم :


فَضلُ صيامِه : 


فقد بيَّن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَضْلَ صيامِ شَهرِ اللهِ المُحَرَّمِ ففي صحيح مسلم : 


عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه :


قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :


أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاَةُ اللَّيْلِ .


واختلف أهلُ العلمِ رحمهم الله في مدلولِ الحديثِ : 

هل يدلُّ الحديثُ على صيامِ الشهرِ كاملًا أم أكثَرِه ؟ 

وظاهِرُ الحديثِ واللهُ أعلَمُ يدُلُّ على فَضلِ صيامِ شهرِ المُحَرَّمِ كاملًا وحمَلَه بعضُ العُلماءِ على الترغيبِ في الإكثارِ من الصِّيامِ في شهرِ المُحَرَّم لا صومِه كُلِّه .


لما رواه مسلم في صحيحه : 


عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضى الله عنها :


أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يَصُومُ .


وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلاَّ رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِى شَعْبَانَ .


#ومن فضائل شهر الله المحرم : 


#صيام يوم عاشوراء :


وعاشوراءُ هو اليومُ العاشِرُ مِن شهرِ محَرَّمٍ؛د ولهذا اليومِ مزيَّةٌ ، ولصومِه فضلٌ ، قد اختصَّه اللهُ تعالى به ، وحَثَّ عليه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فهو اليوم الذي نجى الله تعالى فيه موسى من الغرق كما في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا :  


أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا يَعْنِي عَاشُورَاءَ فَقَالُوا : هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ وَهُوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ فَقَالَ أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ .


رواه البخاري في صحيحه 


وفي صحيح البخاري أيضا : 


عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : 


مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ .


#ويستحب صوم التاسع والعاشر جميعاً : 


وهذا لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صام العاشر ونوى صيام التاسع : 


فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : 


قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : 


لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ .


رواه مسلم في صحيحه 


هذا وقد ضل في يوم عاشوراء فرقتان : 


الفرقة الأولى الروافض :


وهؤلاء يجعلونه مأتماً يضربون فيه الخدود ويشقون الجيوب ويدعون بدعوى الجاهلية ويصل بهم الحال إلى ضرب أنفسهم ضرباً شديداً ، بل بعضهم يجرح رأسه بسيف ونحوه حتى تسيل دمائهم ويدعون أن يفعلون ذلك حزناً على الحسين رضي الله عنه ، وأنهم شيعته المحبون له وتنقل ذلك الفضائيات وكأنَّ هؤلاء هم المحبون لآل البيت وغيرهم ممن لا يعمل عملهم غير محب لآل البيت وهذا غير صحيح .


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : 


وَصَارَ الشَّيْطَانُ بِسَبَبِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه يُحْدِثُ لِلنَّاسِ بِدْعَتَيْنِ : 


بِدْعَةَ الْحُزْنِ وَالنَّوْحِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مِنَ اللَّطْمِ وَالصُّرَاخِ وَالْبُكَاءِ وَالْعَطَشِ وَإِنْشَادِ الْمَرَاثِي ، وَمَا يُفْضِي إِلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ سَبِّ السَّلَفِ وَلَعْنَتِهِمْ وَإِدْخَالِ مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ مَعَ ذَوِي الذُّنُوبِ ، حَتَّى يُسَبَّ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ وَتُقْرَأَ أَخْبَارُ مَصْرَعِهِ الَّتِي كَثِيرٌ مِنْهَا كَذِبٌ .


وَكَانَ قَصْدُ مَنْ سَنَّ ذَلِكَ فَتْحَ بَابِ الْفِتْنَةِ وَالْفُرْقَةِ بَيْنَ الْأُمَّةِ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ وَاجِبًا وَلَا مُسْتَحَبًّا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ إِحْدَاثُ الْجَزَعِ وَالنِّيَاحَةِ لِلْمَصَائِبِ الْقَدِيمَةِ مِنْ أَعْظَمِ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ . 


أما الفرقة الثانية : 


فهم النواصب وهؤلاء يفرحون ويحتفلون في يوم عاشوراء بالاغتسال والكحل والخضاب ونحوه مما يعد من مظاهر الفرح والسرور يعارضون به شعار أولئك القوم الذين يجعلونه مأتماً ، فعارضوا باطلاً بباطل وردوا بدعة ببدعة .

 

قال شيخ الإسلام رحمه الله : 


وهؤلاء يَسْتَحِبُّونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ الِاكْتِحَالَ وَالِاغْتِسَالَ وَالتَّوْسِعَةَ عَلَى الْعِيَالِ وَإِحْدَاثَ أَطْعِمَةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ وَهَذِهِ بِدْعَةٌ أَصْلُهَا مِنَ الْمُتَعَصِّبِينَ بِالْبَاطِلِ عَلَى الْحُسَيْنِ رضي الله عنه .

#ومن فضائل شهر الله المحرم : 


أنه الشهر الذي اختاره الصحابة في عهد عمر رضي الله عنه ليكون أول السنة الهجرية ، فلم يكنِ التَّاريخُ السَّنويُّ معمولًا به في أوَّل الإسلام حتى كانت خلافةُ عمرَ بنِ الخَطَّاب رضي الله عنه فـفي السَّنةِ الثَّالثةِ أو الرَّابعةِ من خلافتِه رضي الله عنه : 


كتب إليه أبو موسى الأشعريُّ رضي الله عنه أنه يأتينا منكَ كتبٌ ليس لها تاريخٌ ؟


فجمع عمرُ الصَّحابةَ رضي الله عنهم فاستشارهم .

فيُقال : إن بعضَهم قال أرِّخوا كما تؤرِّخُ الفُرسُ بمُلوكِها، كلَّما هلك ملِكٌ أرَّخوا بولايةِ مَن بعدَه .


فكرهَ الصَّحابةُ ذلك .


فقال بعضُهم : أرِّخوا بتاريخ الرُّومِ .


فكرِهوا ذلك أيضًا .


فقال بعضُهم : 


أرِّخوا مِن مَولد النَّبي صلى الله عليه وسلم .


وقال آخرون : مِن مبعثِه .


وقال آخرون : من مهاجرِه .


فقال عمر : الهجرةُ فرَّقت بين الحق والباطل فأرِّخوا بها .


فأرَّخوا من الهجرةِ واتَّفقوا على ذلك .


ثم تشاوروا من أيِّ شهرٍ يكون ابتداءُ السَّنة .


فقال بعضُهم : من رمضان لأنَّه الشَّهر الذي أنزلَ فيه القرآنُ .


وقال بعضُهم : 


من ربيعٍ الأوَّل لأنه الشَّهر الذي قدِم فيه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مهاجرًا .


واختار عمرُ وعثمانُ وعليٌّ أن يكونَ من المحرَّمِ لأنَّه شهرٌ حرامٌ يلي شهر ذي الحجةِ الذي يؤدي المسلمون فيه حجَّهم الذي به تمامُ أركانِ دينِهم والذي كانت فيه بيعةُ الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم والعزيمةُ على الهجرةِ .


فكان ابتداءُ السَّنةِ الإسلاميَّة الهجريَّة من الشهرِ المحرَّم الحرام .





Share To: