الأديب المصري /  د. طارق رضوان جمعة يكتب مقالًا تحت عنوان "قلبُ شاكٍ يواصلُ شدواهُ عندَ المساءِ" 


الأديب المصري /  د. طارق رضوان جمعة يكتب مقالًا تحت عنوان "قلبُ شاكٍ يواصلُ شدواهُ عندَ المساءِ"



حديثُ الروحْ للأرواحِ يسْرِي وتدركهُ القلوبُ بِلا عناءِ

هَتفْتُ بهِ فطارَ بِلا جناحٍ وشقَّ انينهُ صدرَ الفضاءِ

ومعدِنهُ تُرابيٌ ولكنْ جرتْ في لفْظِهِ لغةُ السماءِ

لقدْ فاضتْ دموعُ العشقِ منِّي حديثاً كانَ عُلويَ النداءِ

فحلقَ في رُبى الأفلاكِ حتى اهاجَ العالمَ الأعلىَ بُكائي

تَحاوَرتْ النُجومَ وكلَّ صوتٍ بقربِ العرشِ موصولُ الدعاءِ

وجاوبتِ المجرةُ علَّ طيفاً سَرى بينَ الكواكبِ في خفاءِ

وقال البدرُ هذا قلبُ شاكٍ يواصلُ شدواهُ عندَ المساءِ

ولمْ يعرفْ سِوىَ رضوانَ صوتي وما أحْرَاهُ عندي بالوفاءِ

(الشَّاعِرُ الفَيْلَسُوِف الهنْدِّي المُسْلِمْ «مُحَمْد إِقْبَال»...قَصِيْدَةُ حَدِيِثَ الُرُوحْ)

خفّة الرّوح هي صفة الأصحاء الأسوياء فكرياً ونفسياً وجسدياً، هي انعكاس لإيجابيتك  ولياقتك وإشراقك الروحي. فهى تعكس نمط حياتك الجميل والسليم ، اترك كل طعام لا يخدم جسدك وانزع كل شعور لا يُسعد قلبك واهجر كل فكره تُرهق عقلك. فما تزرعه في مخيلتك ، تتفتح أزهاره في روحك . ولتصوّرات الجمال قدره إبداعيه تجلب ماورائيات الجمال المُدرك. وعلى قدر رقيّ روحك يبعث الله لك من يفقهون سموّها ! ومن هنا يبدأ الإلهام وتبدأ التجليات طريقها بينك وبينهم .

هناك سحر عجيب وتفاعل لا يمكنك أن تتخيله بين الإنسان بتكوينه الذى نعلم عنه القليل وبين كل ما يحط به: فإذا أردت المال مثلاً وطال تفكيرك به وأنصب كل همك على هذا، تجد المال يأتيك طوعاً ويبحث عنككما تبحث عنه... كيف؟  وإذا كان كل همك حب النساء والشهوات ستجد هذا أيضاً يلاحقك.  وكذلك إذا ما أردت التقرب من الله ستجد الله يدلك على الصالحين ويدل الصالحين عليك. فما القصة دون تفلسف وتعقيد؟ وهل الأمر مجرد خيال كاتب أو حلم وسفسطة؟

الأمر كله ملخصه أنك حين تفكر بشيء تنشأ بينك وبينه قوة جذب ورابطة فكرية. فكما لك وعى للأشياء جميعها وعى خاص بها. فأنت كبشر تؤثر وتتأثر وها حال باقى وسائر مخلوقات الله من حولنا.

 فكما تفكر فى الشيء، الشيء ذاته يسعى إليك ويفكر فى الوصول إليك فسبحان من يخلق ما لا نعلم. إذا ما عليك إلا أن تقوم بتفعيل مشاعر هذا الشيء الذى ترغب به أو مشاعر هذا الإنسان الذى تريد قربه. الأمر قد يبدو ضرب من الخيال للبعض، وقد يبدو هين للبعض الأخر . لكن  الحق يقال أنه السهل الممتنع ويحتاج لدراسة وعلم وتدريب. وكلما تدربت أكثر أصبح الأمر أسهل وزاد بينك وبين ما تريد التفاعل والترابط.

إذَا الأيِمَانُ ضَاعَ فَلَاَ أَماَنُ؛ وَلَاَ دُنْيَا لِمَنْ لَمْ يُحيِّ دِيْنَا

وَمَنْ رَضِيَ الحَيَاةَ بِغِيْرِ دِيْنٍ فَقَدْ جَعَلَ الفَنَاءَ لَهَا قَرِيْنَا

وَفِيِ التَّوْحِيِدِ للْهِمَمِ اتِّحَادٌ وَلَنْ تَبْنَوا العُلَىَ مُتَفَرِّقِيْنَا

 ويصبح كل شيء تريده بهذه الطريقة فى خدمتك ومسخر لك فسبحان الله. وهناك قانون كونى يقول أن الشيء يتدفق حيث يتدفق الحب: فأنت تحب الحصول على هذا الشيء فتحب زيادته وسيزداد. لكن الحذر كل الحذر أن تقع فى المحظور وتبرر غايتك الوسيلة فتحصل على ما تريد بطرق تغضب الله .

وبعيداً عن مصطلحات عميقة فعلوم الطاقة الكونية الإيجابي منها والسلبى لا ينتهى الكلام عنها. وكذلك تفاعل حامضك النووي وتنشيطه وتفاعله مع طاقات الموجودات حولنا أمر مثير وعجيب. ويمكن للشخص العادي الاستفادة من هذه العلوم فى التشاف والعلاج، كما يمكنك استخدام هذه الطاقات فى الارتقاء بوعيك ونموك الروحي. وهذا ما يتقنه المتصوف من علم  وفطرة. فهذا من شأنه تحسين حواسك الروحية بسبب هذه الطاقات والترددات المحيطة.

 لكن ماذا ينبغى أن أفعل؟ وما بداية الخيط؟

بدايةً .. يجب أن تجهز نفسك وجسمك لتقبل واستقبال هذه الطاقات. وعليك الملاحظة بدقة للتغيرات التى ستحدث لك بمعنى أن هذا الأمر سينعكس عليك إما بالنشاط أو الخمول والنوم أو كلاهما أثناء اليوم .. وكلاهما جيد . وما عليك إلا تنفيذ ما يطلبه جسدك. اشرب المياه بكميات كبيرة قدر استطاعتك لتنظيف مسارات الطاقة بالجسم فأى انسداد أو اختناق سيصيبك باحتقان  طاقى قد يسبب العديد من المشاكل

 لا تأكل وجبات ثقيلة قدر المستطاع وابتعد عن اللحوم والمنتجات الحيوانية وأكثر من الخضروات والفاكهة الطازجة دون طبخ. ستكون الطاقات التي ستتعرض لها هذا الأسبوع هي الأقوى من حيث الكم و التدفق . والأن يمكنك أن تحاول أن تجرب طاقتك الجديدة بأن ترسل طاقة المحبة والمحبة فقط للجميع.

 لكن لا تنسى بالطبع أن تبتعد عن الغضب واسمح للماضي بالرحيل و الاكتفاء بالمراقبة بهدوء و فتح أبواب جديدة للمستقبل ، فتسمح له تلقائياً بالتجلي. ركز على التفاؤل واليقين واستخدمها لممارسة التخيل الإيجابي لجذب أهدافك

  إنوي الآن لنفسك وللجميع  الخير ، والسلام ، والسعادة والصحة ، والأخبار السعيدة . فبالتأمل سنقوم بموائمة طاقتنا مع الطاقات الكونية .

 حافظ على الطاقة السلبية بداخلك تحت ( المراقبة ) فلا تسمح لها بالسيطرة عليك ، فهذه العملية التحويلية التغيرية القوية التي تحدث ستجلب طاقات جديدة ، نظيفة شفافة طاهرة وأكثر قوة .. هي أيضا متعلقة بالنشاط والحيوية والقدرة على الحماس والتفوق .  الكون كله مبني على الذبذبات, ارفع وعيك بالتأمل والمحبة ..كن صادقاً شفافا مع نفسك فالصدق نجاتك .. ابتعد عما تكره ، وتمسك بما تحب .. لا تجامل كذبا ، ولا توافق خجلاً ، واعلم أنك تلاحظ الأشياء التي في نطاق وعيك الحالي فقط .. ارتفع بوعيك لتنطلق .

 بقدر ما توسع أفقك تستطيع أن ” تنمو ، وبقدر ما ترتقي روحك يمكنك أن ” تصل “. وبالعمق الذي تنظر من خلاله سوف ” ترى”، وبقدر ما تنقي نفسك ثم تبتهج وتتفاءل وتثق سوف “تنال”.

دائما قبل التأمل بربع ساعة قم بتصفية ذهنك بموسيقى هادئة ثم ابدأ جلسة التأمل ولا تبدأها مباشرة .. فالاستعداد بسماع الموسيقى وخصوصاً إذا كانت مصحوبة بترددات استرخاء وكذلك تجهيز المكان المناسب الهادئ تماما.. ويكون هذا المكان منظما ومعطرا وإضاءة شموع او حتى شمعة واحدة ..يعمل فرقآ كبيرا ..فهو يجعل الطاقات من حولك مُهيئة للتأمل .

 والأن صار جلياً  لنا أن جاذبية الرّوح لا تُشترى ، هي منحة الله لمن يستحقها. فبريق الروح لا ينطفئ إلا إذا انطفأ نور النّقاء من قلب صاحبها . فلا يوجد جمال يفوق فتنة الروح.

السكون معزوفة رائع تهدأ مع ترانيمها الرّوح وتغادر مع ايقاعاتها الأفكار … وتبدأ أنت في استشعار السلام وتجليّات الجمال. الجميلون روحاً جاذبيتهم طاغيه واطلالتهم فاتنه لا يفعلون أشياء كثيره ولكنهم يربِكون القلوب بدرجه كبيره . هم لُطف ساقه الله إلينا … يبعثون الأمان للنفوس ، والبهجة للقلوب ! هم ضياء للرّوح . الجميلون قلباً يعشقون الفرح بكل أبجدياته يتناغمون مع ايقاعات البهجة في كل حالاتهم ، لأنهم يدركون أنّ القوه تكمن في السعادة

الجميلون لا يدهشهم رونق الأشياء من الخارج فقط ، بل قلوبهم شغوفه بإدراك ذلك الجمال الكامن في كُنه الأشياء ومعانيها الجوهرية. فهم لا يعتقدون أنّ هناك أعداء في حياتهم ، ولا يظنّون أنّ هناك من ينتظر سقوطهم !! هم ليسوا متفرّغين إلاّ لصناعة الحبّ، لأنهم يعرفون أن السعادة لا تُشترى بل تُعاش بأبسط تفاصيلها ، فالقدرة علي الفرح قوة لا تتمتع بها إلا القلوب الممتلئة بالنقاء .

وأخيراً فقمة الإبداع أن تتقن فن الإنصات لصوت روحك … هو يُخبِرك بكلّ شيء ! إنها نافذه الكون في داخلك ولكنك لا تدري... (وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسًا) ~طه : 108 .. فإذا أردتَ أن تزداد نعمةً أو خيرًا فى حياتك ، فاصمت .واعلم أن أرقى البشر هم من يلهمونك بالأشياء الجميلة من خلال ابتسامه نقيّه، نظره مخلصه، كلمات نبيله وبهدوء يشيّدون فيك وطناً من الأمان.





Share To: