حديث الجمعة | القدوة الحسنة 61 تحت عنوان "فضائل الصدق ومراتبه وثمراته" بقلم فضيلة الشيخ أنور توفيق موجه الوعظ بالأزهر الشريف


حديث الجمعة | القدوة الحسنة 61 تحت عنوان "فضائل الصدق ومراتبه وثمراته" بقلم فضيلة الشيخ أنور توفيق موجه الوعظ بالأزهر الشريف

 

أيها القارئ الكريم حدثتك فى الجمعة الماضية عن بعض  معانى الصدق وأنواعه و اليوم بإذن الله تعالى أحدثك عن بعض  فضائله ومراتبه وثمراته

فللصدق فضائل عظيمة يسعد بها العبد الصادق ، وينال بسببها من البركة والقبول والصلاح في الدنيا والأجر العظيم والثواب الجزيل في الآخرة.

 ومن أهم فضائل الصدق ومراتبه وثمراته ما يلي:

١- صدق القلب في إخلاص العمل لله تعالى هو أساس القبول:

 لا بد للعبد أن يحقق الصدق؛ ليقبل الله سبحانه وتعالى منه طاعته، وليجيبه، وليجعله من المقبولين عنده تبارك وتعالى، ولذلك من نوى نية ثم لم يستطع أن يعمل بما نوى من العمل الصالح كتب الله له أجر ما نوى فى صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ النَّبى صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «مَنْ سَأَلَ الله تَعَالَى الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ».

٢- الصدق جامع لصفات البر دنيا وأخرى

قال تعالى: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْـمُنَافِقِينَ إن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [الأحزاب: ٢٤]، فدلت الآيةُ على أن الناس صنفان: صادقون ومنافقون

وذلك لأن الإيمان أساسه الصدقُ، والنفاق أساسه الكذبُ، فلا يجتمع كذبٌ وإيمان إلا وأحدُهما محارِبٌ للآخر»[مدارج السالكين ].

٣- عِظَم جزاء أهل الصدق:

لقد وعَد الله الصادقين بأعظم الجزاء، وأفضل الثواب؛ وما ذلك إلا لعِظَم هذه الخَصلة التي تحلَّوْا بها، والصفة التى اتصَفوا بها، بل إن اللهَ جعَل مرتبة الصِّديقين بعد مرتبة النبيين، وجعَلهم من المُنْعَمِ عليهم الذين وعَد اللهُ أهلَ طاعتِه وطاعةِ رسوله برفقتِهم في الجنة؛ فقال تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِـحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: ٦٩]،

٤- طمأنينة القلب واستقراره:

إن الصدق في جميع الأحوال باطِنها وظاهرِها يورث الطمأنينة والسكينة في القلب، وينفى عنه التردد والريبة والاضطراب، التي لا توجد إلا في حالات الشك وضعف الصدق أو عدمه، يقول صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة»[أخرجه الترمزى].

أهم مراتب الصدق:

١- الصدق في اللسان:

وهذه المرتبة من الصدق هي التي يحصر كثير من الناس الصدق فيها، ولا يتجاوزونها إلى غيرها، ولا شك أنها مرتبة عظيمة وتكميلها من أعز الأمور وأشقها على النفس، ولكنها يسيرة على من يسرها الله عليه، وجاهد نفسه في تحقيقها.

فلا ينقل المسلم إلا الأخبار الصادقة، وهذا بدوره يتطلب من الناقل التثبت فيما يقال، واجتناب الظنون والأوهام والحذر من التحدث بكل ما يُسْمَعُ، فمن حفظ لسانه من الإخبار عن الأشياء على خلاف ما هي عليه فهو صادق في خبره، وهذا يقتضى الابتعاد عن الظنون والإشاعات. قال صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث»[البخارى ]، وقال: «كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع»[مسلم].

٢- الصدق في النية والإرادة:

يرجع ذلك إلى الإخلاص وهو ألا يكون له باعث في الحركات والسكنات إلا الله تعالى، فإن مازجه شوب من حظوظ النفس بطل صدق النية وصاحبه يجوز أن يسمى كاذباً. وذلك بأن تكون النية خالصة لله عز وجل ابتغاءً لمرضاته، وأن لا يكون هناك باعث في الحركات والسكنات إلا مرضاة الله عز وجل، فإن شاب النية شيء من حظوظها لم تكن صادقة، قال تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْـحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ ١٥ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: ١٥، ١٦].

٣- الصدق في الوفاء بالعزم:

 فإن النفس قد تسخو بالعزم في الحال؛ إذ لا مشقة في الوعد والعزم والمؤونة فيه خفيفة، فإذا حصل التمكن وهاجت الشهوات انحلت العزيمة وغلبت الشهوات ولم يتفق الوفاء بالعزم، وهذا يضاد الصدق فيه، قال الله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: ٢٣]

٤- الصدق والنصح في المعاملات:

إن الله سبحانه وتعالى أوجب على المسلمين الصدق والنصح في جميع المعاملات، وحرم عليهم الكذب والغش والخيانة، وما ذاك إلا لما في الصدق والنصح وأداء الأمانة من صلاح أمر المجتمع والتعاون السليم بين أفراده والسلامة من ظلم بعضهم لبعض وعدوان بعضهم على بعض، ولما في الغش والخيانة والكذب من فساد أمر المجتمع وظلم بعضه لبعض وأخذ الأموال بغير حقها وإيجاد الشحناء والتباغض بين الجميع، ولهذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما»[البخارى ومسلم ].

ومن النصح والأمانة بيان العيوب الخفية للمشتري والمستأجر وبيان حقيقة الثمن والسوم عند الإخبار عنهما. ومن الغش والخيانة الزيادة في السوم أو الثمن ليبذل المشترى أو المستأجر مثل ذلك أو قريباً منه.

نسأل الله أن يجعلنا من الصادقين.




Share To: