الكاتبة والأديبة المصرية / خلود أيمن تكتب مقالًا تحت عنوان "سنوات التعثر"


الكاتبة والأديبة المصرية / خلود أيمن تكتب مقالًا تحت عنوان "سنوات التعثر"

 


السلام عليكم  ، 

سنوات التعثر التي يمر بها المرء تكون بمثابة أوراق الأشجار الذابلة التي انقضى وقتها وكان من الجدير أنْ تسقط ، تتلاشى حتى يستعيد نشاطه وتبدأ الجذور الجديدة في إخراج نبتات يانعة أكثر نضارةً وإشراقاً ولكنه لن يحظى بذلك التغير الشامل سوى بعد أنْ يقتنع تمام الاقتناع بأنه أشبه بتلك الشجرة التي تحتاج للسُقي والاهتمام دون النظر لما سقط منها في الماضي ، فتلك الفترات كانت بمثابة خيط الإنقاذ من دوامات الفشل التي قد تلاحقه طيلة حياته ، بؤرة الضوء كي يرى الطريق بوضوح ، طرق للتعلم واكتساب الخبرات حتى يكون إنساناً جديداً ناضجاً مُزوَّداً مُثقَلاً بالعِظات لا تهزه أي عواصف أو تزعزع استقراره وثقته بذاته أو تطغى عليه المؤثرات أو تجعله ضعيفاً هشاً إلى أنْ يستسلم للحظات الضعف التي يمر بها أي منا ولولا إيمانه ونظرته الإيجابية للأمور من حوله وللعطايا التي وهبه الله إياها ما وقف مكتوف الأيدي غير قادر على الحراك والمُضي والتقدم دون النظر للخلف وكأن ذلك الإيمان هو الدافع الذي يُحرِّكه ويجعله راغباً في تطوير حياته ، فالله دوماً ما يُرسِل إلينا العوض في أي أمر كان ونحن غافلون غير مكترثين به بفعل تحسرنا على ما رحل عنا وتطلعنا لما ليس بحوزتنا في الوقت الراهن ، فنحن دوماً ما نرنو للجزء المنقوص من الصورة دون عناء الشكر على ما هو موجود بالفعل وما تزخر به حياتنا ويحقق لنا الاستقرار في حاضرنا ، فالمستقبل أمره ليس بأيدينا فكل ما بوسعنا هو أنْ نعمل جاهدين لمحاولة تطويره وجعله مزدهراً مشرقاً وكأنه يتلألأ كنجمة براقة تضئ ظلام الليل وعتمته وسط طريق طويل يسير به المرء ويتلهف لما يرشده حتى يصل لنهايته بسلام وأمان دون أنْ يشعر بأي معاناة أو إجهاد أو تعب ، فتلك هي حال الدنيا فهي تحتاج لمَنْ يملك نفساً عميقاً ولا يجزع أو يُوهِم نفسه بأن الحياة سوداوية لا أمل فيها ويظل كذلك إلى أنْ يقع صريعاً تحت مداس قطارها الفتاك الذي لا يرحم بل يُعذِّبه بلا هوادة بفعل تلك الأفكار البائسة التي تسيطر على ذهنه وتمنعه من رؤية بصيص الأمل الذي يبزغ في بداية كل يوم جديد يمنحه الله فيه آلاف الفرص التي لا تُعوَّض ولا تسنح سوى مرة واحدة والذكي هو مَنْ يتمكن من اقتناصها دون أنْ يدعها تفلت من بين يديه البتة ومن ثَم يعتريه الندم لبقية حياته بلا قدرة على الخلاص منه ...





Share To: