الكاتبة المغربية / ليلى الخمليشي تكتب قصة قصيرة تحت عنوان "قبلة المساء" 


الكاتبة المغربية / ليلى الخمليشي تكتب قصة قصيرة تحت عنوان "قبلة المساء"



وأنا أقطع الشارع اليوم حيث كان مناخي النفسي معتدلا إلى هادئ فيما كانت مخيلتي تشهد هيجان شِبه رطب! خطواتي المتثاقلة، و نفَسي المتدفق من حَرّ العياء يأخذني إلى جولة طويلة المدى لا أعرف نقطة نهايتها! لكنني أعلم جيدا أنها ثخمة من المحاولات المتكررة، يبعدني البيت بأمتار قليلة ولا زالت نفسي غارقة في شروذها لم أكن أعلم أن قدَماي عرَفتا المكان من دون أن أدلها عليه. وأنا أفتح الباب رمقت عيناي طفلة شقراء، عسلاء العيون شعرها المنسدل فوق ظهرها يعود بك إلى الزمن اللاّمرئي كأنها سندريلا _الحيّ _جمالها سَرقني حيث لم تفارق شفتاي (ماشاء الله)، دَاعبت عيناي كل تقاسيم ملامحها مرَّت على كل الجزيئات المحاطة به وقعتُ إثرَ حادثة ملاك طيب! ابتسمت وأنا أرتعب أخال أن تبتعد عني ربما تخاف أو تتبجح! إلا أنها بادلتني بضحكات طفولية كان والدها بجانبها يمسك يدها، لم أنتبه أن هناك شخص بجانبها فقلبي لها مالَ وكأنها من الماء انبجست فقد كانت حورية الوجه. 

فتحت الباب ولا زالت طرفي عيناي معلّقتا فيها، أحسست بشيئ غريب تسلل إلي تحرك شيء قديم داخلي سيقت إلي مشاهد كثيرة صراعات كثيرة مرّت كشريط قصير. طالعتها مجددا وجدتها هي الأخرى تبادلني نفس الشعور، أفلتت يد والدها وخطفت مني المشهد ركضت وجاءت عندي وطلبت مني الانحناء تفاجأت قلت في نفسي ربما ستضربني كوني نظرت إليها كثيرا ربما حسبتني امرأة سارقة للملائكة!! إلا أنني اندهشت قبَّلتني ومسكت يداي ولامَسَتْها كثيرا وظلت هاربة من أبيها معي تقريبا عشر دقائق، عانقتني فلم أشعر بنفسي حتى وجدت عيناي مترقرقة وتندلق منها الدموع لم أتصور أنها ستترك والدها وستركض نحوي؛ شعرت بسعادة عارمة سكنت قلبي تلاشى ذلك البرطمان وسيّبته طواحين الهواء بعيدا وانشراح أصاب فؤاديي. كثيرا ما تصادفني الأطفال وتبتسم لي ومنها من يركض ركضا إليّ وهذه ليست بالحالة الأولى إطلاقا فقد تكررت معي حالات لكن بمسقط رأسي، لكن أن أكون مغتربة وتحضنني الأطفال ربما هي الأكثر صدقا ورؤية للحقيقة كونها بريئة لا تعرف الكلام المنمق. كان أجمل ما حصل معي هذا المساء. الأطفال هبة وهدية رائعة هي الوقود الذي يجعلنا نجدد عهدا جديدا هي الصفاء وكل النقاء، الطفلة لم تعرف اسمي وأنا كذلك فقد ذابت الأسماء خلال اللحظة وبزَغت الأحاسيس وماتت المعاني للأسماء.

نسيت؛ لم أخبرها أنها جميلة تشبه النجمات المضيئة، نسيت لم أخبرها أنها مثل النسيم الناعم، ولم أخبرها حتى على لقبي الذي يدلعني به الكثير هم ألقاب وليس واحدا فقط نسيت أن أقول لها بإمكانك أن تنادينني ب"ليليانا أو ليلتي أو لُلَيْلى أو لَيْلَاي ويمكنك أيضا اختصارها  لتصبح ليلوش"! هذه الألقاب تشكل لي النبض، لي صديقات لقبنني بها أحس بالفرح حينما أسمع أحدهم ينادي _ليليانا_وآخرا ليلوش وآخرا ليلتي، هكذا يعلمنا عهد الأصدقاء أن نخبرهم كيف من اسمهم فقط أن نسبب لهم الفرح كيف نصوغ من اسمهم جزُرا من المعاني، طِفلتي أعتذر جدا من جمالك! كونه أنساني من أنا و أن أخبرك إحدى ألقابي وتنادينني بها كلما مررت من جانبك.. طفلتي أفرحتني جدا قبلة هذا المساء ليتك تكررينها كل يوم، ملاكي الطيب الآن عيوني تذبل تريد أن تنام أستودعك الله أعلم أنني كتبت كثيرا لكن كل هذه الحروف لم تشِ بشيئ منك! 


أحبك وأحبكِ لقلبك السلام .

ليلى الخمليشي 

المغرب




Share To: