الكاتبة المغربية / حكيمة ارويضي تكتب قصة قصيرة تحت عنوان "معاناة البراءة"


الكاتبة المغربية / حكيمة ارويضي تكتب قصة قصيرة تحت عنوان "معاناة البراءة"

 


كان كريم قد تأقلم شيئا ما مع الحياة في الهواء الطلق بلا مأوى رفقة صديقه الوفي "ساميكو"، الرفيق الصغير الجميل الذي لم يترك كريم ولو لدقيقة.. بعدما طُرد الطفل الصغير ليلا  من المنزل من طرف زوجة ابيه لاسباب تراكمت مدة عام تقريبا  .. فجأة  اتت الليلة الحالكة المظلمة التاريخية لدى كريم.. فأصبح يتجرع كل صباح قساوة الجو البارد بجانب صديقه ساميكو الذي كان ياويه و يحميه من كلاب أخرى. 

ذات صباح استيقظ البريئ كريم و صديقه ساميكو ثم ذهبا  باكرا لرعي الغنم.. ما إن وصلت الساعة التاسعة حتى اشتدت الحرارة حيث كانت بداية  فصل الصيف فرجعا إلى المنزل نشيطان كعادتهما رغم صعوبة الحياة في أعالي جبل  ' تايكا'  في البادية.. دخلا مسروران فوجدا  "حليمة" تطهو الخبز البلدي و الدجاج بتقنياته الرسمية استعدادا للضيوف .. فهرع كريم الى ذلك الخبز الشهي .. آه !! ما هذه الرائحة الرائعة و انا اموت جوعا! ساميكو.. ساميكو.. هيا بنا لنأكل..  شرع الصغير في الاكل بطريقة مفترسة من شدة الجوع الذي يحسه وها قد دخلت حليمة المطبخ لتتم استعداد الطعام للضيوف.. فكان كريم قد أكل كل الخبز المطهو.. صرخت عاليا:  ماذا فعلت ايها الطفل !! ألا تعلم ان الضيوف آتون للتو؟ مشاغب كعادتك؟  دائما تفعل هذا و اكثر و رغم معاتبتي المتكررة لن تستحي .. يا رب  ماذا علي الآن انا ؟ ساطهو من جديد.. ام ماذا .. المشكل انه ما زالت لدي اشغال كثيرة وجب قضاؤها خارج المنزل.. لم تعينني يوما يا طفل.. انت لست طفلي و ستخرج الآن من هنا.. لا اريدك.. انت حقا مشاغب.. هيا .. اذهب.. اذهب.. و لن تعد ابدا اوصيك.. لن تعد!! هل سمعت ما اقول ؟ فزع كريم و عانق كلبه الصغير ساميكو وقال بصوت خافت وماذا سآكل انا .. ماتت امي التي كانت تطعمني و لم تحرمني يوما أغلى ما في مطبخنا.. اجابها بحرقة و دموع فزاد غضبها غضبا و ضربته بنعل كان أمامها.. انفلت كريم بسرعة فهرب و تبعه ساميكو .. كان الليل قد حل مع الاسف و هنا بدأت حياته الجديدة في الشارع .. نزل من الجبل على قدميه حتى وجد نفسه في المدينة .. يبيت تحت النجوم .. غطاؤه السماء.. فراشه الارض..  و غذاؤه ما تبقى في مزبلة المدينة.. بجانب صديقه  الوفي قضى معظم أوقاته القاسية .. تشردا معا.. جاعا معا.. بكيا معا..ضحكا معا.. عانيا معا.. يا به من وفاء! حتى طرق كريم مرحلته الشبابية فاصبح في السابعة عشر من عمره.. شاب طويل ذو هيئة مرعبة.. ذو لحية متسخة و ملابس قديمة... ولكن ذات اخلاق عالية..  ذات صباح انقلبت الموازين و أضحى الشاب كريم ذات همة عالية .. صعبة هي الحياة وخاصة في  فترة الطفولة ..

(يتبع)


Share To: