حديث الجمعة | مناخنا حياتنا 2 بقلم فضيلة الشيخ أنور توفيق موجه الوعظ بالأزهر الشريف 


حديث الجمعة | مناخنا حياتنا 2 بقلم فضيلة الشيخ أنور توفيق موجه الوعظ بالأزهر الشريف


أيها القارئ الكريم حدثتك فى الجمعة الماضية عن المناخ وذكرت لك  منه ما هو غير معلوم الأسباب وهذا مرجعه إلى علم الله وحكمته، ووعدتك بالحديث عن الأخذ بالأسباب والحيطة تجاه هذا الأمر كما وعدتك بالحديث عن المناخ السئ معلوم الأسباب الذي هو من أسباب البشر

إِنَّنَا نَجِدُ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل أَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَاطَبَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ وَهُمْ يُوَاجِهُونَ أَعْدَاءَهُمْ بِقَوْلِهِ:«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (٧١)»(النساء).  مَعَ أَنَّه سُبْحَانَهُ قَادِرٌ عَلَى نَصْرِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَخْذِهِمْ لِحِذْرِهِمْ، وَأَمَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَبِيَّهُ مُوْسَى عليه السلام أَنْ يَضْرِبَ الْبَحْرَ بِعَصَاهُ، وَمَا عَسَى أَنْ تَصْنَعَ الْعَصَا مَعَ الأَمْوَاجِ الْمُتَلاطِمَةِ؟! لَكِنْ لِيَأْخُذَ مُوْسَى بِسَبَبٍ، ” «فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ» ” وَهَذَا نَبِيُّ اللهِ نُوْحٌ عليه السلام أَمَرَهُ الله تعالى بِصُنْعِ سَفِينَةٍ، يَقُولُ عز وجل : ” فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٢٧ ) المؤمنون. وَلَوْ شَاءَ سُبْحَانَهُ أَنْ يُنَجِّيَهُمْ مِنْ أَمْوَاجِ الطُّوفَانِ مِنْ دُونِهَا لَكَانَ، وَلَكِنْ لأَجْـلِ أَنْ يَأْخُذُوا بِالأَسْبَابِ؛ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضى الله عنه أَنَّهُ رَأَى جَمَلاً أَجْرَبَ، فَسَأَلَ صَاحِبَهُ: يَا أَخَا الْعَرَبِ، مَا تَفْعَلُ بِهَذَا الْجَمَلِ؟ قَالَ: أَدْعُو اللهَ أَنْ يَشْفِيَهُ، قَالَ لَهُ: هَلاًّ جَعَلْتَ مَعَ الدُّعَاءِ قَطِرَانًا. فَخُذُوا – رَحِمَكُمُ اللهُ – بِأَسْبَابِ السَّلامَةِ وَالنَّجَاةِ مِنَ الأَخْطَارِ، وَاجْـتَهِدُوا فِي مُرَاعَاةِ الاحْـتِيَاطَاتِ وَالتَّدَابِيرِ فِي الأَنْوَاءِ الْمُنَاخِيَّةِ وَعِنْدَ نُزولِ الأَمْطَارِ، وَرَاعُوا تَحْذِيرَاتِ أُولِي الاخْتِصَاصِ، وَاتَّبِعُوا تَوْجِيهَاتِ مَنْ تُهِمُّهُمْ سَلامَتُكُمْ، وَيَسْهَرُونَ عَلى أَمْـنِكُمْ وَرَاحَتِكُمْ،(وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» .

فَاتَّقُوا اللهَ  وَكُونُوا لُحْمَةً وَاحِدَةً عِنْدَ الضَّوَائِقِ وَالأَخْطَارِ، كَحَالِكُمْ فِي الرَّاحَةِ وَالاستِقْرَارِ، كُونُوا لِكُلِّ مُحْتَاجٍ عَوْنًا، وَتَعَاوَنُوا عَلَى مَا فِيه صَلاحُ أَمْرِكُمْ وَإِصْلاحُ حَالِكُمْ، ” وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢)» المائدة. 

إِنَّ مِمَّا يَنْبَغِي التَّنَبُّهُ لَهُ وَالتَّحْـذِيرُ مِنْهُ عِنْدَ حُلُولِ الظُّرُوفِ الدَّاهِمَةِ، وَحُدُوثِ الأَنْوَاءِ الطَّارِئَةِ، الشَّائِعَاتِ وَالأَخْـبَارِ الْكَاذِبَةِ، وَالْمَعْلُومَاتِ الْمَغْلُوطَةِ؛ فَكَمْ مِنْ خَبَرٍ كَاذِبٍ أَثَارَ بَلْبَلَةً لا تُحْمَدُ عُقْـبَاهَا، أَوْ نَشَرَ هَلَعًا زَادَ مِنَ الْمُصِيبَةِ بَلْوَاهَا، وَقَدْ يَتَّخِذُ الْبَعْضُ تَدَابِيرَهُ وَيُحَدِّدُ تَصَرُّفَاتِهِ وَفْقَ مَعْلُومَاتٍ خَاطِئَةٍ نُشِرَتْ، فَيُصَابُ لأَجْـلِ ذَلِكَ بِالْحَرَجِ وَالْعَنَتِ، وَيَقَعُ فِي الاضْطِرَابِ وَالْمَشَقَّةِ. فَلا تَكُونُوا – رَحِمَكُمُ اللهَ – بُوْقًا لِكُلِّ نَاعِقٍ، أَوْ أُذُنًا لِكُلِّ نَاهِقٍ،«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (٦)» الحجرات. 

عِبَادَ اللهِ:

إِنَّ اللُّجُوءَ إِلَى اللهِ هُوَ المَلْجَأُ الَّذِي لا يُوصَدُ بَابُهُ لَكُلِّ طَارِقٍ، وَلا يُضَامُ مَنْ قَصَدَهُ عِنْدَ الْمُلِمَّاتِ وَالْكُرَبِ،« قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٣ )» الانعام. فَالْجَأُوا إِلَى اللهِ مَوْلاكُمْ – أَيُّهَا الأَحِبَّةُ – بِالدُّعَاءِ مُتَضَرِّعِينِ، وَاسْأَلُوهُ أَنْ يَصْرِفَ عَنْكُمْ كُلَّ مَكْرُوهٍ، وَأَنْ يَكْتُبَ الْعَافِيَةَ لَكُمْ وَلإِخْوَانِكُمْ مِنْ كُلِّ بَلاءٍ، وَاسْأَلُوهُ خَيْرَ الأَنْوَاءِ الْمُنَاخِيَّةِ، وَاللُّطْفَ فِي الْمَقَادِيرِ الْمُقَدَّرَةِ؛ ادْعُوهُ دُعَاءَ ذَوِى الْحَاجَةِ وَالمَسْـأَلَةِ، وَتَضَرَّعُوا إِلَيْهِ تَضَرُّعَ الْعَبْدِ الْمُفْتَقِرِ إِلى مَولاهُ ،«أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٦٢)» النمل. وَقَدْ كَانَ مِنْ هَدْيِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ قَالَ: ((اللَّهُمَّ صَيِّـبًا نَافِعًا))، وَكَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا اشتَدَّ المَطَرُ قَالَ: ((اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ)).

هذا وإن كان في الأجل بقية فالحديث موصول مع أهمية التعرف على المنهج الإسلامى لحماية البيئة من التلوث المناخى لأسباب بشرية والوقاية منه فى الجمعة القادمة بإذن الله رب البرية. 





Share To: