حديث الجمعة | مناخنا حياتنا (٤) بقلم فضيلة الشيخ أنور توفيق موجه الوعظ بالأزهر الشريف 


حديث الجمعة | مناخنا حياتنا (٤) بقلم فضيلة الشيخ أنور توفيق موجه الوعظ بالأزهر الشريف


    أيها القارئ الكريم حدثتك فى الجمعة الماضية عن المنهج الإسلامى لحماية البيئة من التلوث المناخى بين أصول الدين و العقيدة والشريعة وواجب الدولة نحو حماية البيئة من التلوث وقلنا أن المخرج من الوقوع فى كل المحظورات والإنتهاكات للبيئة وغيرها هو الرجوع إلى الله عز وجل واتباع أوامره واجتناب نواهيه  واليوم بإذن الله تعالى أحدثك عن التلوث البيئى الأخلاقى وأثره على الفرد والمجتمع راجيا من الله الفتح و القبول والنفع بما أقول واتباع هدى سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم. 

التلوث الخلقى

(مجتمع بلا أخلاق  بناء بلا أساس)

حقيقة ومُسَلَّمة تفرض نفسها ، وتملى علينا أن نراجع أنفسنا فيما ندرس وفيما نعمل وفيما نتصرف ، والتربية سلوك قبل أن تكون مجرد معلومات نرددها دون فهم وتطبيق وتقويم فى المدارس والجامعات يؤكد على ما هو معرفى ويتجاهل أهم ما فى النفس البشرية وهو الجانب الوجدانى والذى تعتبر الأخلاق ضمن أبعاد هذا الجانب وليس لها مكان ضمن درجات الطلاب على مستوى المراحل التعليمية ، وتلك هي الحقيقة الحاضرة والغائبة فى نفس الوقت .

ومع كل يوم يمر علينا نجد وسائل الإعلام تطالعنا بنشر جرائم مختلفة بعضها يتمثل في التعدى على البيئة بصوره المختلفة ( منها ما يتعلق بتهديد صحة المواطنين ويهدد الأمن القومى ) والسؤال لماذا كل هذا؟ والإجابة مرجعها إلي غياب الضمير وغياب الخلق وتلوث الخلق وهو الأساس في كل ما يحدث من مخالفات وحتى تتضح الحقيقة علينا أن نعرض لكم أبعادها: ـ

ويعد التلوث الخلقى من أخطر أنواع التلوث على الإطلاق ، ذلك لأن مسألة السلوك الأخلاقى تعد بمثابة الركيزة الأساسية التى يقوم عليها أى نشاط إنسانى ، فهى القوة التي تنظم الحياة الاجتماعية من كل جوانبها التعبدية والتعاملية ، ومن هنا فإن افتقاد الإنسان للسلوك الأخلاقى الطيب ، ينعكس وبصورة سلبية على تعاملاته فربما يكون سببا في إحداث أى نوع من أنواع التلوث في البيئة التى يعيش فيها ، ولأن البيئة النظيفة تحتاج إلى إنسان لديه من القيم الخلقية ما يجعله يغار على تلك البيئة ويسعى جاهدا للمحافظة عليها ،باذلا جهده ووقته وماله من أجل خدمتها والدفاع عنها .

مما سبق يتضح لنا أن معيار الاهتمام بالبيئة يتمثل بالدرجة الأولى في وجود مجموعة من القيم الخُلقية التي يتمثلها الإنسان ويعبر عنها فى سلوكه ، وعلى سبيل المثال فإن قيمة النظافة تجعل الإنسان يمتنع عن إلقاء المخلفات فى الشارع أو فى أى مكان من الأماكن الغير مخصصة لإلقاء تلك المخلفات ، وهو على قناعة بما يفعل .

كذلك فإن الصدق كقيمة وفضيلة من الفضائل الهامة التي يتمثلها الإنسان تجعله لا يكذب أبدا مهما كانت الظروف والمبررات إلا في المواقف التي سمح فيها الشرع بالكذب والتى حددها لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهى ( الإصلاح بين المتخاصمين ، وفى الحرب ، والرجل على زوجته لتدوم العشرة بينهما ). 

أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبيهقى عن أسماء بنت يزيد "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال: ما يحملكم على أن تتابعوا على الكذب كما يتتابع الفراش في النار، كل الكذب يكتب على ابن آدم إلا رجل كذب في خديعة حرب، أو إصلاح بين اثنين، أو رجل يحدث امرأته ليرضيها".

وعن أهمية الخلق فقد أشاد الإسلام بالخلق الحسن ودعا إلى تربيته فى المسلمين وتنمية نفوسهم ، وفى ذلك نجد الحق تبارك وتعالى قد أثنى على النبى صلى الله عليه وسلم بحسن خُلقه فقال : { وإنك لعلى خلق عظيم } القلم ٤)

أخرج أحمد وابن حبان عن ابن عمرو "أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة؟ قالوا: نعم يا رسول الله قال: أحسنكم خلقا".

وأخرج ابن أبي الدنيا وأبويعلى والطبرانى بسند جيد عن أنس قال: "لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا ذر فقال: يا أبا ذر ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر، وأثقل في الميزان من غيرهما؟ قال: بلى يا رسول الله قال: عليك بحسن الخلق، وطول الصمت، فوالذى نفسى بيده ما عمل الخلائق بمثلها".هذا وإن كان في الأجل بقية فالحديث موصول مع المنهج السليم من خلق سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.




Share To: