الأديب العراقي / علي محمد النصـراوي يكتب قصيدة تحت عنوان "بـــــردةُ المصطفــى (ص)" 


الأديب العراقي / علي محمد النصـراوي يكتب قصيدة تحت عنوان "بـــــردةُ المصطفــى (ص)"


*************************************

طافــــتْ بِـرَوْضــي كالفَـــراشِ مدلّلَــــةْ 

لِتُنـــادمَ القلـــــبَ الجـريــــحَ وتسألَــــهْ


وتناثـــرتْ فـــــوقَ الـــــورودِ قوافيــــاً 

بعــثَ الهــوى بيـنَ الحــروفِ رسائلَــهْ


فتعاقــــدتْ فيهــا النّواظــــــرُ لحظــــــةً 

بـل لامســتْ رغــمَ الحيـــاءِ ، جدائلَــــهْ


طافـتْ وقـد حـــارَ القـريــضُ بوصفِهــا 

فكأنّمـــا لغــــــــةُ البيــــــانِ معطّلَـــــــةْ


فَبَـــدَتْ كأطيـــافِ الشّمـــوسِ نضـــارةً 

وتـربّعــــتْ فـــوقَ القصيـــــدِ مبجّلَــــةْ


للـــــهِ مــن روضٍ تضـــــوّعَ زاكيــــــاً 

أَسِــــرَ الـرّيـــاضَ فأقبلــــتْ متسائلَـــةْ



كانـــتْ تُعمّــــــدُ دربَهـــــا كسحابــــــةٍ 

بخطـىً تسيــرُ الـى الـــــذّرى متفائلَـــةْ


لكنّمــا عَبَـــــثَ الـزّمــــانُ بـروضِهــــا 

فمضــتْ على نفـــسِ الخُطــى متأمّلَــةْ

         * * *

لـــوّى أعنّتهـــا بِـ ( بــــاءِ ) البسملَـــةْ 

وسـرى بِـ ( إقـرأْ ) فهْي عينُ البوصلَةْ


وَغَــــدَتْ بـهِ السّبـــعُ المثانــي رائـــداً 

يحـــــدو بقافلـــــــةٍ فتتبــــــعُ قافلَـــــةْ


فبيانُهــــا أرســــى قواعــــــدَ سيــــرِهِ 

في الحــلِّ والتّـرحــالِ كانـــتْ منهلَـــهْ


فَـــرَوَتْ طـريـــقَ العابـريــنَ بفيضِهــا 

إذ أينعـــتْ مـن بعـــدِ جــــدبٍ سنبلَـــةْ


بـل أشـرقــتْ منهـا الحيــاةُ وأزهــرتْ 

فيهــا المـرابـــعُ حيـثُ عــادتْ مثقلَــةْ


فَبِحُلمِــهِ أرخــى العِقـــــالَ فطاوعـــتْ 

وبحكمـــةٍ بلـــــغَ المقاصــــدَ كاملَــــةْ


مـا كـانَ فضّـــــاً أو غليظـــــاً قلبُـــــهُ 

بـل ســورةٌ تُنـــدي القلــوبَ مـرتّلَـــةْ


وَرثَ النّـــدى وبجــودِهِ بلـــغَ المــدى 

صنـــوٌ لهاشــمَ ، بـل تجـاوزَ منـزلَــةْ


قـد كـانَ نهجـــــاً للبلاغــــــةِ سيّــــداً 

ولسانُـــهُ بالضّـــادِ تجــري مـرسلَـــةْ


أســـرى وعــــرّجَ للسّمـــا بـرسالــــةٍ 

ولِنـــورِهِ دنـــــتِ الملائِـــــكُ ماثلَـــــةْ


لمّــا اسْتـــــوتْ سيقانُهــــا وتجـــذّرتْ 

شحـــذَ المكابـــرُ بعـــدَ لــــيٍّ منجلَــــهْ


ركبـــوا الضّغائـــنَ صهــــوةً لقتالِـــــهِ 

كيمـا يهـــدّوا يـــومَ ( بـــدرٍ ) معقلَـــهْ


لكنّمــا جـــرتِ الـرّيــــاحُ كمــا جـــرتْ 

فَهَــوَتْ بُغــــاةُ المُـرجفيــنَ مجنْدلَــــةْ


و( بأحــدَ ) قـد لمّــوا الشّتــاتَ لغايــةٍ 

فبهــا ستَعقـــدُ فـي الأسنّــــةِ فاصلَـــةْ


كانـــتْ كعثـــرةِ ماجــــــدٍ فـي لُجّــــــةٍ 

أو كبـــوةٍ مــــرّتْ وعــــادتْ راجلَــــةْ


حتى الْتقـى الجمعـانِ واشْتبــكَ القَنـــا 

إذ كــانَ يــــومَ كـريهــــةٍ مــا أثْقلَــــهْ


نكــصَ الـرّجـالُ وما بهـا مـن ماجــــدٍ 

حتـى شـــرى فيهـا ( علــيٌّ ) مقتلَـــهْ


وهـوتْ ( بعمْـرٍ) مثـلَ صاعقـةِ السّمـا 

مــن جامـــــحٍ متوثّـــــبٍ كالـزّلـزلَــــةْ


ضــجَّ الصّعيــــدُ وقـد توشّـــحَ قانيــــاً 

بـــــدمٍ توضّــــأَ كــي يقبّـــــلَ أرجلَـــهْ


و ( بخيبــرٍ ) مـلكَ القيـــادَ فـزُلـزِلــتْ 

وتماوجــتْ فيهـا الـــدّروبُ مولولَــــةْ


وبسيفِــــهِ جعــــلَ الـرّقــــابَ أذلّــــــةً 

مـن بعــدِ عــزٍّ ، لا تسـاوي خـردلَـــةْ


فثبـاتُ ( حيـدرَ ) فـي الّلقـا وحصــادُهُ 

ضَـرَبَـتْ بـهِ ســوحُ المطاعــنِ أمثلَــةْ


فبـــــدا عصيّـــــاً حيــــثُ ذلَّ بسيفِـــهِ 

مَــنْ كـــانَ ينفــخُ بالعـــداوةِ مِـرجلَــهْ


فجثــتْ على الأطــلالِ تنـــدبُ أمسَهــا 

وبكـــتْ كمـا تبكــي لمـــاضٍ أرملَـــــةْ


ومضــتْ مـراكبُهـــا تغـــــذُّ بسيـرِهـــا 

وجــرتْ بهـــدْيٍ كــي تعانــقَ ساحلَــهْ


وكفــــاهُ مـن ريِّ الصَّبــــا ، فنسيمُــهُ 

بـــــدأَ المســارَ بـركعتيـــنِ ونافلَــــــةْ


فسمـــا بعلــــــــمِ الأوّليــــــــنَ وزادَهُ 

بصحائِــفٍ لــذوي البصائــرِ مُنـزلَــةْ


فَتَنَـزّلـــتْ حُبلــــى تبلَّــــــجَ حَملُهــــا 

والغيــثُ يَبـرقُ حيـنَ يـرســلُ وابلَــهْ


كمدينـــةٍ للعلـــــمِ يشمــــخُ بابُهــــــا 

وبــدونِ هـــذا البــابِ تبقــى مقفلَــةْ


فارْجـعْ لحيــدرَ فهْـوَ مفتـاحُ الهُـــدى 

وبـــهِ شمائــــلُ أحمــــــدٍ متأصّلَــــةْ

             * * *

عــادتْ بنــا مــن بعـــدِ ريٍّ قاحلَــــةْ 

ومضـتْ بعيــداً عـن سِـراطِـكَ مائلَـةْ


فتشابكـتْ فيهـا الفــروعُ وقـد غــدتْ 

فيهــا الأصـــولُ أسيــــرةً ومكبّلَـــــةْ


واسْتسلمـتْ فيهـا الجمــوعُ لعاصـفٍ 

واسْتمـرأتْ بعـــدَ المخاضــةِ باطلَـــهْ


وتسافلـتْ فيهـا الــرّؤى وتصحّــرتْ 

وبــدا بهـا صــوتُ الحقيقــةِ جلجلَــةْ


لا رُشــدَ يحكـمُ سيـرَهـا بـل ضيّقــتْ 

فيهـا المسـارَ بــلا خطـــىً متعقّلَــــةْ 


فتشـرّبــوا سُننـــاً تقـــادمَ عهدُهــــا 

واسْتأصلــوا سُننـــاً بهــا متكاملَـــةْ


واستأسـدتْ فيهـا البغــــاثُ كأنّهـــا 

هـيَ سيّـــدٌ للــدّارِ وهْـيَ البوصلَــةْ


عجبـاً لِمَـنْ زعموا السّياسةَ دينَهـم 

لبســوا ثيابـــاً لــم تـــوارِ مهلهَلَـــةْ


وتقاسمـوا فيهــا المشــاربَ عنــوةً 

ولِحــقِّ مَــنْ بــذلَ الدّمــا متجاهلَــة


حتّى طغـتْ أيـدي الضّـلالِ وكابـرتْ 

وكأنّهــــــا لا تنتمـــــــي للعائلَــــــةْ


بـل لطّخـتْ منهـا الصّحائـفَ بالدّمـا

وســرتْ بهــا فــي رِدّةٍ متواصلَـــة


عـــادتْ بنـــا للجاهليّــــةِ شِـرعـــةً 

مَـنْ ذا يُعيــدُ ليــومِ بـــدرٍ مِـرجلَــهْ ؟!


************************************

 

Share To: