الكاتب المغربي : عبدالرزاق مرابط يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الليلة سوداء"


الكاتب المغربي : عبدالرزاق مرابط يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الليلة سوداء"


راوده طيف سلمى من جديد، هذه المرة ليس نائما، ولا في جلست سمر مع أسرته، من سوء حظه جاءه في مكان مقدس، في شهر مقدس، في ساعات مقدسة، حاول جاهدا استحضار قلبه وعقله لينعم بدقائق من الخشوع أمام ربه، ومن لا يرغب في الخشوع في ليالي شهر رمضان.

وقف طيف سلمى على الحصير كما تلك الليلة، مع مرور الإمام على قوله تعالى { الزاني والزانية فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}، آية قصيرة، قوية بما فيها أن تعرفه جزاءه، أحس بضعف ودل، خر باكيا يستغفر ربه من ذنب عضيم فعله قبل سنة كاملة، مدة كافية لينسى لو لم يكن ذنبه كبيرا، قبل أن يفعل فعلته تعرف على سلمى في الجامعة، اتفقا أن يكونا مجرد أصدقاء، مجرد أصدقاء، مرة الأيام، كثرت القاءات فأصبحت تناديه حبيبي، وهو أيضا، يتبادلان رسائل الحب والغرام، يسهران اليالي الطوال، يلتقون نهرا في المقهى الفلاني.

تلك الليلة السوداء، أقنعها بالمبيت عنده، فرصة لا تعوض، الأسرة في سفر والجيران لا يتلصصون على المارة، فرصة لسمر ومشاهدة فلم شيق، مفاوضات على الهاتف انتهت بإفتح الباب، أعدت له عشاءا لذيذا كما يحب، جلسا يشاهدان فلما من اختيارها، لوهلة أحس بنفسه يريد مضاجعتها، علم أنها ستأبى، ربما سيكون ذاك الطلب ما ينهي علاقتهما، تراجع مرات عدة، هواه لا يأبى ألا أن يضاجعها، استسلم لوساوس النفس والشيطان، ولج الموضوع بإشارات بادء الأمر، استسلمت لرغباته، فعل بها كما يفعل الرجل بزوجته، أنهى فعله، وقفا متقابلان، نظر لعينها النادمتان، تذكر قوله تعالى {كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر، فلمى كفر قال أني بريء منك إني أخاف الله} أصاب قلبه الندم، ضعف أمام ذنبه، طلب منها المغادرة بهدوء، ارتمى على سريره يبكي يصفع وجهه، يلوم نفسه، يردد متجشأ:

- تبا لي، أعجزت عن العفاف، كيف لي أن أبرء نفسي من ذنب كهذا، ليتني ما دعوتها، يا ترى كيف تنظر لنفسها بعد الغلطة هذه، تبا لي من إفساد فتاة، ليتني لم أنجح في إقناعها.

علم أن الذنب لن يغفره سوى رب غفور، لكن كيف يصلح ما أفسده، فتاة تصغره سنا بقليل، أغتسل ثم صلى، تلى القرآن تلك اليلة ولم ينم، عزم على ترميم ما هدمه في المستقبل وإن كان متأخرا، لم يعد يفارق المسجد ولا يخضع لهواه ووساوس الشيطان، لكن طيف سلمى لا يزال يراوده من ليلته تلك، لن يهنء له بال حتى يتزوجها كأقل ما يمكنه فعله مقابل ذنب ليس بالهين.






Share To: