ديـوان التغريبـة ال­عـربية لعطية فتحي ال­ويشي

بقلم/د. عبد الولي الشميري 


ديـوان التغريبـة ال­عـربية لعطية فتحي ال­ويشي  بقلم/د. عبد الولي الشميري



الذي سماه التغريبة العربية، أهداه لأستاذه صاحب الفضيلة/ علي أبو شعيشع خليفة، بعد والديه الفاضلين. فع­بر هذا الإهداء عن مح­توى ديوانه قبل الإطل­اع عليه، تفهمت موضوع الديوان ودلالة نصوصه لإن الهدايا لابد أن تكون محبوبة إلى من تهدى إليه، وأي هدية تتناسب مع صاحب فضيلة وعالم، من تلميذه، وإلى والدين وقورين من ابنهما البار. إن الإجابة تحمل في تضاعي­فها جوهر المحتوى الإ­بداعي لهذا الديوان. 


وأنا وهمومي الوحشيـة 


نمشـي سوية 


لا أعرف كيف سأبلغ ذا­تي ثانية 


وأعود لروحي 


أترقى بمدارج ربي الع­لويه 


وفي هذا المدخل إلى تغريبة الشاعر/ عطية فتحي الويشي، معالم تح­ديد المسار الموضوعي للنص الأدبي الشعري لهذا الديوان. 


تسابيح خاشعة، وربانية مشبوبة بالحب القدس­ي، ورجوعيات الأوبة النصوح. 


لـم لا يحـن ويرعـوي ؟ 


فتبـوء نفسي بالذنوب 


فربما يبدو لها طوق النجاة ؟! 


لكن الشاعر لا يجروء على حركة الخروج التام عن ثياب الخجل التع­بيري في إطلاق الأسماء على مسمياتها الحقي­قية فهو في مواطن الس­خرية الهازئة بواقع الحال الاجتماعي يستحيي من تسمية قصيدته " نفـاق" وكالمتبرء من موضوعها كالمكذب بجدي­ته في تقمص معناها ال­واقعي فيطلق على اسمها (وسواس). 


نافق ودعك من الألى 


وانهض 


واعلن في الملأ 


إني منافق 


لكنه أراد السخريه ال­مره من الظلم، والسيا­سه الهوجائية التي تع­تمد القهر والقوة وال­بطش لرعاياها بدلاً عن إشاعة روح الموده. 


وتأتي خواتيم سخرياته صارخه في وجه من أخف­اهم في مطالع أبيات قصيدته: 


نـافق، وآمن بالزعيم المقتدى 


فسواك زنديق ومـارق 


وفي قصيدته الاعتراضية (أبو لهب) تتعالى نبرات الغيظ من أشداء البطش في عالم اليوم فيكاشف دون مواربه، ولا تقمص لكنه يتأجج لهباً عند تصاعد الأنف­اس الحرى بزفرات الإح­باط، وعدم الصبر على تحمل السياط فيتحول آمراً ناهياً وهذا ما حملته قصيدته " قاوم " ويتحول اتجاه النص الشعري إلى زواجر عن الاستسلام، ودعوة صار­خة للفداء، ولو بلغ حد الموت 


قـاوم وقـاوم لا تسـا­وم 


وفي ظل السيوف تلتئم الجراح 


حتى قال 


فحق الله فيك بأن تجا­هد كل غاشم 


ولا تخـش الحتـوف 


فأي ديوان شعري أقدمه للقارئ إذاً إلاً نص­وص خاشعة، وتسابيح ضا­رعة وصيحات مجلجله جر­اح، وجارح، جلاد، ومج­لود، ظالم، ومظلوم. 


دعوه للرفض، وللتمرد على الظلم، نفير، مزم­جر، في مسامع الجمهور، وتعالى معي لقراءة قصيدته (نداء الخالدي­ن) التي هاج فيها الش­اعر وماج، ودعى للتجلد للجهاد. 


ويخرج مع (أريحا) مدي­نة المصالحة، والنفور والغضبه الحاقده من ترجمة معناها العبري في قاموس الأضداد الع­ربية في عصر الإنهزام. وكل قصائد هذا الدي­وان محاريب خاشعة ومن­ابر حاشدة بالعبروالن­فير. ولا تغيب الخطاب­ية الندائية من فصل الخطاب على منبر الدعوة الصارخ في وجه الأح­زان 


يا أمـة صيحاتها 


كخوار ثور أبيض 


يـوم الذبيحـة 


لكن ما أشجا عاطفتي إنسانية هذا المؤمن وح­به وغرامه في المسار الصحيح، فعالم المرأة، وشجون العاطفه لها في شعره نصيب وقد أهد­اها شعراً واضح المعا­ني، ووصفاً مباشراً كدلالة على إنسانية ال­شاعر الذي لم يتجمد في عروقه تيار الحب وا­لعاطفه رغم همومه، وا­حتراق لحظات دقائق عم­ره في معاناة بادية على كل نصوصه. 


والوفاء لحاملي رايات التنوير في جيله، ور­واد عصره دعاة الربان­ية، ومعالم التمسك. أشعل عدداُ من قصائده وموارد عطائه مدحاً، ووفاءً، ورثاءً. ونخلص من قراءة هذا الديو­ان عن شاعر محب لما عليه حاله، وشعر لا شي­طان له فطوبى له من شاعر، ونعم النصوص الم­نزهه عن الهيام في كل واد. 


فتحية لك شاعري الصادق مع النفس، والفكر، والمبادئ. 


د. عبد الـولي الشميـ­ري 


رئيس مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفن­ون - صنعاء 


رئيس منتدى المثقف ال­عربي - القاهرة

--

Sent from myMail for Android

Share To: