الكاتب الصحافي المصري / شعبان ثابت يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "فتاة من بحري" 


الكاتب الصحافي المصري / شعبان ثابت يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "فتاة من بحري"



أغلقي الشيش إغلقي زجاج الشباك إطفئي المروحة وكمان النور هذه بعض الكلمات على لسان (جعور) أفندي الذي عاشت معه هدى الطيبة المسكينة المستكينة بنت إسكندرية ذات الأصول الصعيدية.


جلست في غرفتها المظلمة لا هواء لاإضاءة لامروحة لاصوت يؤنسها سوي ذكرياتها التي هاجت في مخيلتها منذ الصغر وبدأت المشاهد تمر على ذاكرتها وسط الظلام كأنها في صالة سينما تشاهد قصة حياتها؟!


هدى البنت الخجولة التي تربت في بيت إسكندراني من أب صعيدي وأم إسكندرانية ودخلت مدرسة حكومية كمعظم بنات جيلها حتى وصلت إلى المرحلة الإعدادية وفي هذه المرحلة بدأت تدب داخلها مشاعر غريبة عليها تجاه إبن خالها الذي يكبرها بسنتين في الصف الثالث الإعدادي حيث كانت مدرسة مشتركة بنين وبنات وكبر هذا الإحساس يوما بعد يوم شهر بعد شهر سنة بعد سنة حتى تمكن منها حب (كريم) الذي كان كريما معها وتقدم لخطبتها بعد تخرجها من الجامعة ولكن كمعظم قصص الحب الجميلة التي تتحطم على رغبات الأسر وخلافاتها رفضت أسرة هدى التي كان يدلعها كريم ( هاديه ) خطبة كريم لها لخلافات قديمة بين الأسرتين لاذنب لهما فيها.


عاشت هدى أيام وليالي في حسرة ودموع على ضياع حبها الوحيد الذي لن تنساه طيلة حياتها وإستسلمت للأمر الواقع تحت ضغوط الأسرة وكبر سنها بعد أن رفضت العديد ممن تقدموا لخطبتها وخاصة بعد أن أصبحت معلمة يشار إليها بالبنان بعد مرورها بتجربة زواج فاشلة عاشت على أمل زواجها من كريم الذي حاول مرات ومرات أن يقنع الأسرتين بزواجه من حب حياته ( هاديه ) الجميله ولكن بعد علمها أن كريم إستسلم للأمر الواقع وتزوج فقدت الأمل في تحقيق حلم العمر من الزواج بكريم وافقت على قاسم  ( جعور) أفندي الذي تقدم لأسرتها ولأنها كانت قد وصلت لمرحلة موت المشاعر لم تهتم كثيرا بمن هو قاسم؟


 أهو راجل والسلام من وجهة نظرها ولكنها فوجئت أنه لم يكن راجل والسلام بل كان متزوج من أخرى وعاشت هدى المسكينة المستكينة في كنف أسرة سليطة اللسان ودارت الأيام والسنوات وتغيرت الأحوال بعد أن أنجبت هدى ولدين عاشت لهما وبهما مع إبنها الوحيد الذي كانت قد أنجبته من (عبدالجبار) إبن عمها الذي تزوجته في ظروف غامضة بعد فشل زواجها من كريم وأذاقها العذاب ألوان وإنفصلت عنه قبل إتمام سنة من الزواج وهي حامل بطفلها (أحمد) وهذا هو السبب الذي جعلها تقبل بالزواج من قاسم ( جعور أفندي) على أمل أن يعوضها عن كل هذه المأسي وإذا بها تكتشف أنه هو في حد ذاته مأساه كتلة من النكد والبخل الذي لم تكن تتخيله أو يتخيله أحد كان عزائها الوحيد وظيفتها التي تخرجها من قفص قاسم الذي كان يضعها فيه.


لذلك كانت دائما تقول لأبنائها لن ولم أقف يوما ما في طريق حبكم فالحب الحقيقي لن يموت حتى آخر العمر فحب كريم مازال ينبض في قلبها. 

وقبل أن ينتهي شريط ذكرياتها في هذه الليلة السوداء المظلمة الحارة التي كان يتصبب منها العرق وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها في هذه الغرفة التي تشبه القفص الحديدي مر عليها آخر مشهد في فيلم حياتها لقد أصبحت حبيسة هذه الغرفة بعد أن بلغت سن التقاعد ( المعاش) منذ سنة تقريبا وعيناها تسيل من الدموع تتسائل بينها وبين نفسها هل سأكمل حياتي في هذا القفص الحديدي أم ستشرق الشمس على أمل جديد وغطت بطة في نوم عميق على أمل أن تصبح على أمل جديد ترى فيه النور وتستنشق هواء نقي.




Share To: