الكاتبة اللبنانية / قمر المعلم تكتب مقالًا تحت عنوان "كن انسان" 


الكاتبة اللبنانية / قمر المعلم تكتب مقالًا تحت عنوان "كن انسان"



 ولدنا من أرحام أمّهاتنا بقلوبٍ طاهرةٍ بريئةٍ

و بنظرةٍ طفوليّةٍ لا تُبصرُ سوى نقاءِ الدُّنيا و سلامها.

ولدنا و نحملُ نوايا صافية ورديّة و صادقة.

و نكبرُ مع مرور الأيام بالمواقف و التجارب

تجارب جبّارة تشدُّ معصمنا.

و مواقف تسقينا مُرَّ العيش، ترغمنا على التّعايش معها رغماً عنّا.

و لكن هنيئًا لِمَن تراكماتِ الحياة لم تُقَسِّي قلوبهم.

فلين القلب فطرةٌ تزرع الخير في حقولِ البشر.

و قد منَّ اللّٰه علينا بعقولٍ ميَّزنا فيها عن سائرِ المخلوقات.

فالإحسان بالعقلِ زينةٌ

أمّا تهميشه فبلاءٌ و جهلٌ قاتل.

فالعقل ثُمَّ القيم

و المبادئ، ثمَّ الرحمة

و الحبُّ، ثمَّ لين القلب و الإنسانيّة

هي سلسلةٌ مترابطةٌ نهايتها كبدايتها.

فاستغلال العقل بالفطرة التي ولدنا عليها، استغلاله بالنّقاء الربّانيّ يضمن النّهاية الإنسانيّة.

حيث الإحسان بلا حدود.

حيث العطاء من صميم القلب.

هي رحلة إحسانٍ عنوانها الإنسانيّة.

و عند الإنسانيّة يعجز اللّسان عن الكلام فلا قلمٌ و لا لسانٌ يكفيان.

هي كلمةٌ ينبض بها القلب فتفيض بها الأخلاق.

و ها أنا سأصمت قليلًا،  لأصل إلى مشاعر الرّحمةِ العميقةِ هناك.

حيث الصدق العميق في الحب،

لكي أملك القدرة على التعبير الصادق دون تحريفٍ فأملك الجرأة في النهاية على قول

 ها قد اطمأنّ قلبي.

فالتعبير عن الإنسانيّة مسؤوليّة كبيرة و وصفها كالسّعي في نشرها.

إنّها فطرةٌ ولدنا عليها و كأنّ اللّٰه يزرع فينا عدله فيسخِّرنا جنوده في الأرض للخير نميل فنبني أمّةً على الإنسانيّة ننبتها.

و نغرس في أطفالنا أنّ الإنسانيّة لا عمرٌ و لا ديانةٌ و لا عنوانٌ لها.

حيث نبدأ بالإنسانيّة و ننتهي بفكرٍ و رقيٍّ يُعلينا.

فإن كنت تشعر بالألم فأنت حَيٌّ و لكن عندما تشعر بآلام الآخرين أبشِر لأنّك إنسان.

وعند الإحسان أيُّها الإنسان، عند العطاء دون انتظار المقابل، ستصل إلى مرحلة حبِّ الذّات.

فكم من أمواتٍ فوق التراب أحيتهم نظرةُ امتنانٍ

فنحن نعطي لنحيا لأنّ الامتناع عن العطاء سبيل الفناء.

فكن إنسانًا لتُزهرَ واحتك بسلامٍ داخليٍّ و تصالحٍ مع الذّات.

فهل هناك أجمل من الإنسانيّة حيث آيات الحنان في الأرواح

حيث أرقى معاني الحبِّ الصّادق.

هي كلمةٌ ليست كباقي الكلمات

كلمةٌ كلّ حرفٍ منها يروي قصّة محتاجٍ للإحسان

حيث الإخلاص نحو الخالق

فنحن لم نُخلَقُ عبثًا، حاشانا، بل كلٌّ مِنّا وُلدَ و فيه سرُّ سعادة إنسان.

كلٌّ مِنّا  وُلِدَ و نصف دينه الإنسانيّة.

 فنولد مجرَّدين من كلمة جريمة لأنّنا نولد و الإنسانيّة فطرتنا.

إذ كلتا الكلمتين لا تربطهما لا صلةٌ و لا عنوان.

يا أيُّها الإنسان هنالك قلوبٌ تتألّم و لا تتكلّم

فرفقًا بأشقّائكم يا قوم الأرض فهي أمانة الخالق لا توقدوا الفساد فيها.

فلو أدرك الغنيّ أنّه ولد لعطاء الفقير،

و لو أدرك الفقير أنّه ولد لاختبار رضى الغنيّ

لما أفسدتِ الحروب أرضنا و لا أدمى الطمع شعوبنا.

نبحث عن الدواء و لا ندرك الدّاء

ويغيب عن ناظرنا أنَّ الدَّاء في انعدام إنسانيّتنا

و الدواء يكمن في آيات اللّٰه الواحد الأحد

حيث يقول في كتابه الكريم: ﴿وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَمَا تُقَدِّمُوا۟ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَیۡرࣲ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ﴾

و صحيحٌ أنَّ الإنسان يهوى خوض المعارك بمفرده

ويطمح أن يكون القبطان في رحلة حياته،

هذا هو الإنسان مخلوقٌ محاربٌ بطبيعته

و لكن ذلك القبطان لا يُفصِحُ لأحد أنّه يتمنّى لو كان الرّاكب في لحظات الضّعف فالحياة ليست برحلةٍ سهلة.

حياةٌ حافلةٌ ببعضِ الصّعاب قد تُثقِلُ ظهورنا

حتّى يصل الألم إلى العنان

وسط هذه اللّحظات نتمنّى بين أضلعنا سرًّا بيننا و بين خالقنا كلمة إنسانيّة لا نعترف أنّها منقذتنا

و لكن في زوايانا ندرك أنّها الدواء الشافي، 

كلمة هي كهمسةٍ عليلةٍ لن تهدر من وقتنا الكثير

و لكن قد تَجبر إنسانًا خانته ثقته بالحياة يخشى الاستنجاد خوفاً من الشماتة.

و من قال أنَّ الإنسانيّة عطاء ماديّ فحسب بل ابتسامة إيجابيّة هي مفتاح القلوب اليائسة، مادّة تجميليّةٌ تصلح ما شوَّهَتْهُ خناجر الزمن

فالتبسّم في وجه أخيك صدقة.

و نَصْرة المظلوم إنسانيّةٌ ما هي تطوّع بل هي واجب

فأنت لست حرًّا و في الدنيا مظاليم

هي مساندةٌ إنسانيّةٌ قد تجعلك تدفع الكثير في سبيلها و لكن كن على يقين أنَّ كل ما ستقدمه سيعوضك عنه ضميرك الحي.

فعجباً لمنْ قال لا ناقتي و لا جملي

فبأيّ إنسانيّةٍ تتكلّم و المظلوم يئنُّ ألمًا أمامك و قد قَطَعْتَ ضميرك بسيفٍ قاتل.

 و الآن فقد أدركتم ما هي الإنسانيّة

و أصبح الدور على ضمائركم

فما زال هناك فرصةٌ لإحيائها

و هنيئاً لمن أحياها من قبل.

و أخيراً ها قد أدّيت الأمانة و أملك الجرأة على قول "ها قد اطمأنّ قلبي"





Share To: