الكاتب / باسم عطوة يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الفخ"  


الكاتب / باسم عطوة يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الفخ"


عندما كنتُ صغيراً، أراد أبي أن يصنع مني رجلاً صلباً، رجلٌ يستطيع الاحتفاظ بالصداقات ويستطيع -في المقابل- سحق الأعداء.


فكان أن دبر رحلة إلى الجبال، في إحدى المحافظات الجنوبية، التي تشتهر بانتشار الذئاب فيها، وقرر أننا سوف نصطاد ذئباً واحداً، على أن يكون ذلك هو قائد القطيع وليس أحد الذئاب التابعين.


أعددنا العُدة، وجهزنا أسلحتنا، وانتقينا ما يلزم للتخييم في الأماكن الصخرية، وانطلقنا إلى البقعة التي رشحها لنا أحد معارف أبي، وقد كان من قاطني هذه المحافظة في شبابه.


فعلنا كل ما يلزم..

أعددنا الفخاخ.. وألقينا لحوم الأرانب وبعضُ الضأن، استعملنا صفارات خاصة تطلق موجات صوتية يستجيب لها الذئب.. لا شيء!

ولا حتى ذئب واحد صادفناه.

لم نطلق عياراً نارياً واحداً على أي ذئب لأننا لم نرَ أياً منهم.


وفي تجولنا، أتى في طريقنا مزارع كبير.. شيخ قد أكل الزمان عظامه، حتى أننا تعجبنا من تواجده في هذا المكان وحده دون مُعين.

أتى وسألنا عم نبحث، فشرحتُ له.


فقال لي:

يا بني.. إنك جربت كل الفخاخ التي كان يجب عليك أن تضعها. إلا أنك لم تنصب الفخ الوحيد الذي يقع فيه كل الكائنات.. والذئاب على ذكائها سوف تعلق فيه، سواءٌ أكانت جائعة أم شَبِعة.


فكان أن عُدنا، بعد أيام ثلاث، ومعنا جثة ذئب مهول الحجم، قرر أبي تحنيطه ووضعه في مدخل دارنا.

أتدرون ما هو هذا الفخ؟


قال الرجل:

يا بني.. يجب أن تدع الوقت يمضي، وأنت تستمتع بالجمال وبالهدوء، ولا تتعجل.. فهناك فرق بين السعي والاستعجال.. نحن نزرع، ونترك الوقت يأتي بالثمار.


فما كان منا إلا أن أشعلنا حطباً، ونصبنا خيمتنا، وجلسنا في هدوء ليلة ثم الأخرى، نأكل ونضحك ونحكي قصصاً بلهاء على سبيل المرح.

حتى جاءنا -مع مرور الوقت- قطيع يتحسس أخبارنا..

وكلفنا الأمر عياراً واحداً.. وبعض الوقت.


Share To: