الكاتبة السودانية / تسنيم عبد السيد تكتب مقالًا تحت عنوان "من الموت إلى الموت" 


الكاتبة السودانية / تسنيم عبد السيد تكتب مقالًا تحت عنوان "من الموت إلى الموت"


في الآونة الأخيرة يلحظ كلٌ منا، أن الموت بات قريبًا يتخطف الناس من حوله، فيشعر بالحزن والخوف على أن يقترب ذلك الزائر منه أو يفجعه في دوائره القريبة، كل ذلك القلق يحدث بلا وعي رغم يقينه بحتمية الفناء والزوال لكن ما يرعبه حقًا المصير المجهول -إلى أين؟!- 

الإجابة: إلى الله.

نعم، إلى من أوجدنا من العدم وبث فينا من روحه وأورثنا الأرض ورزقنا وآوانا وأكرمنا، نعود إليه وقتما أراد وكيفما شاء، ويتوجب أن لا نجزع ولا نرتعب من دنو ذلك اليوم بل نستبشر ونتيقن أن ما عنده خيرٌ وأبقى، فالسبب الوحيد الذي يفترض أن يجعلنا لا نهاب الموت أننا إلى الله الرحيم الكريم ذاهبون، كأننا مغتربون عائدون إلى أوطاننا بعد فراقٍ وغربة.


حكى لي أحدهم، أن الموت هذه الأيام بات يتكرر أكثر من ذي قبل، وأنه في زمانٍ سابق كانوا يسمعوا عبارة "فلان مات" كلٍ عامٍ مرة، أما اليوم قد يزور أحدنا صفحته الشخصية على "فيسبوك" مثلًا فلا يرى غير فواجع الرحيل وأخبار الموت، سواءًا معارف شخصية أو علاقات إنسانية أو شخصيات عامة، كل ذلك يجب أن يكون درسًا لنا وعظة، لنتراحم ونتصافح وننشر السلام والمحبة بيننا، وأن يكون التعامل بالحسنى شعارنا، ونجتهد لأن نتصل بالله حتى تتعلق قلوبنا بمحبته ونشتاق للقائه ولا نهاب اليوم الذي ننتقل فيه إلى رحاب الله.

قد يقول قائل، أن انتظار الموت يعني أن لا نستمتع بالحياة ولا نعيش، لكن الحقيقة أننا هنا اصلًا لنعيش ونبحث عن السعادة والنجاح والانجاز ونعمِّر الأرض ونجعلها مكانًا أفضل للأجيال الآتية، وأن لا نتورط في ظلم انسان أو أذيته حتى لا يلحقنا غضبٌ من الله لا نطيقه ولا نحتمل عواقبه، فالأرواح لن تتصل بالله إلا إذا صفت وترّفّعت عن الضغائن والآثام وامتلأت بالسلام والايمان والرضا، حتى إذا طلب الله لقاءها سُرّت وفرِّحت! فقد قدَّمت ما يشفع لها وينجيها، فتخرج تلك الأرواح الطيبة راضية مرضية دون خوفٍ أو قلق.



Share To: