الكاتبة السودانية / تسنيم عبد السيد تكتب مقالًا تحت عنوان "رفقًا بهم" 


الكاتبة السودانية / تسنيم عبد السيد تكتب مقالًا تحت عنوان "رفقًا بهم"



- أبي طلب مني إعادة السنة الدراسية للمرة الثالثة؟

= لماذا؟!

- لم أُحرز نسبة تؤهلني للقبول بكلية الطب.

= هل ترغب بالدخول لكلية الطب؟

- أبدًا، ولا أميل إلى الكليات الطبية أصلًا، فقد اتجهت للمساق العلمي رغمًا عني وتحقيقًا لرغبة أبي.

= وما رغبتك أنت؟

- حلمي أن أصقل موهبتي في الرسم بدخول كلية الفنون، هكذا نصحني معلم الرسم منذ سنوات.

= هل تحدثت مع والدك في الأمر وصارحته برغبتك؟

- أكيد، لكن مصمم على رأيه ويقول إنه يريد أن يضمن لي مستقبل جيد وأن الفنون لا تطعم خبزًا.


هذا النموذج من البشر سواء الطالب أو أسرته (والده) قد زادوا العالم سوءًا والبشرية تراجعًا وتخلفا.

هذا الابن إذا لبى رغبة والده وأصبح طبيبًا بماذا سينفع البشرية وهو كَارِه لمهنته ومغصوب عليها وغير مبالٍ برسالة ملائكة الرحمة، فهل سيفرح ذاك الأب بإبنه الطبيب الفاشل؟!


إلى الآباء والأمهات:

إن الإنسانية مدِّينة لوالدة توماس أديسون الذي أضاء ظلام الدنيا بإختراعه للمصباح الكهربائي، تلك الأُم التي طُرد ابنها من المدرسة وهو في الثامنة، بعد أن حكمت عليه إدارة المدرسة بالبلادة والعجز والتخلف، وحمَّلته رسالة لأسرته كُتب فيها: "ابنكم مريض عقلياً ولا يمكننا السماح له بالذهاب إلى المدرسة بعد الآن"، استلمت والدة توماس الرسالة، وقرأتها لابنها الذي يتابع بفضول: "ابنك عبقري، هذه المدرسة متواضعة جداً بالنسبة له، وليس لدينا معلمون جيدون لتعليمه.. من فضلك، علِّميه في المنزل".

وأخذت تلك الأم العظيمة مهمة تعليم ابنها على عاتقها، فجعلت منه اسمًا خالدًا لا يُمحى وأثره لا يزول.


أخيرًا:

لا توجد صيغة محددة للنجاح، فليس الخبَّاز أقل ذكاءًا من المهندس، ولا الأستاذ الجامعي أرفع قدرًا من الخياط، لكن لكلٍ منّا دور في هذه الحياة، ومهمة يجب أن نؤديها على وجهها الأكمل.

فلتتركوا للأبناء مساحة الاختيار حتى يكون الإبداع والانجاز.




Share To: