الكاتب الصحافي اللبناني / أمجد سليم يكتب مقالًا تحت عنوان "عناية فائقة.. ولا طبيب لمن تنادي" 


الكاتب الصحافي اللبناني / أمجد سليم يكتب مقالًا تحت عنوان "عناية فائقة.. ولا طبيب لمن تنادي"




بعد ولادة قيصرية لانتفاضةٍ كادت أن تصبح ثورة لو صدقت. ولادةٌ تسببت بنزيف داخلي لوطنٍ أهلَكَ جسده المرض، وتضاعف مرضه بعد تعرّضه للميكروبات الخارجية التي تكيّفت مع مرضه الداخلي المزمن على فراش الموت نزف اقتصاده، وخسر موقعه وتقلّصت إمكانياته، وفقد الشباب، وتلاشى عقله المتقدّم.


ولادةٌ، وهي الأصعب في تاريخه. تمسّك الشعب بالمولود، وحارب من أجله طيلة فترة انتخابات "المعيل" الصالح، وأنتجت طبقة رأت فيها منزلاً دافئاً و غذاءً جيّداً، وحمايةً على مدى العمر قد تستطيع أن تتوسّع لتصبح مشفىً مختصاً ينتشل الوطن من على فراشه إلى غرفة عناية، ومن ثمّ إلى التعافي ليقوم الآخر بتحمّل مسؤولية المولود الجديد! 


لكن للأسف، مات المولود الحديث عبر ضربتين مِن مَن تبنّى الحماية والتعافي: الضربة الأولى أتت عندما تخلّوا عن الطبيب المناسب وأسقطوه بورقةٍ بيضاء في انتخاب رئيسٍ للحكومة.


 والضربة الثانية عندما أوقفوا أجهزة الإنعاش جهاراً، وتخلّوا عن مسؤولية انتخاب رئيسٍ جدّيٍ للبلاد! 


فلنخرج من كل تلك الغرف وأصوات أجهزة الحياة إلى الحياة الواقعية. نوّاب التغيير ما زالوا يظنّون أنّهم في الساحات يرقصون على وقع موسيقى وطنية، يردّدون كلمات الأغاني دون أن يعنوها، وكأنهم ينشدون بلغةٍ أخرى.. ما زالوا يفعلون ويقولون ما يثير حماس الجمهور، فتخلّوا عن مسؤوليتهم بتمثيل من اختارهم، وظنّوا أنّهم مغنّين وليسوا نواباً يمثّلون ما يمثلون ولهم الدور والكلمة.


الاستحقاقات المصيرية في البلد لا تعنيهم، ومن الواضح أنّ تفكيرهم يصبّ كامل قوّته على ما يقولون وليس ما يفعلون. وفي الوقت الذي يعاني فيه الشعب من الموت العشوائي، والموت البطيء، يعانون هم من الركود والفقر السياسي، وضعف الرؤية، إن لم تكن رؤيتهم معدومة... هم بالكاد ينظرون! 


الخطر الحقيقي يكمن في مدى علمهم بحال مجلس النواب الدقيق الذي أفرزته الانتخابات الأخيرة، فالأمر الوحيد الذي استطاعوا تحقيقه بعد ١٧ تشرين هو أنّهم يستطيعون فعل فرقٍ جذري بالقرار الوطني وما تؤول إليه الأمور، حسب على أي ضفة سوف يرسون. والأخطر أنّهم في حال ضعف تمسّكهم ببعضهم البعض، وسار البعض منهم في التيار الذي يناسبه، فقد يأخذنا قراره الفردي إلى ما لا تُحمد عقباه!


أي أنّنا أمام آخر فرصة للجميع: إمّا أن نكون في بلدٍ اسمه لبنان في جوّه العربي وتنوّعه المميّز، أو أنّنا في ولاية من ولايات أصحاب "الطموح" على جثث المواطنين.


مَن على فراش الموت وطننا، إمّا أن نموت حصراً عليه، أو أن ننقله إلى غرفة العناية، وننعشه بحياتنا ومستقبلنا.


القرار لهم ويبقى سؤال: أي غرفةٍ سوف يختارون؟




Share To: