مالكم كيف تحكمون؟! | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد
في جلسة مع مجموعة ممّن يُفترض أنهم من الطبقة الواعية والمستنيرة في المجتمع، قال أحدهم أنه تربطه علاقة وطيدة بمسؤولٍ ذا منصبٍ رفيعٍ في الحكومة، فلم نستغرب إطراءه ومدحه لقريبه ذا الشأن المرموق، فتحدث عن غذارة علمه وحنكته في العمل السياسي، وشيءٍ من هذا القبيل، لكن الغرابة كانت عندما "فضح" الرجل صاحبه، وقال إنه بحكم عشرته به في فترة من حياته، فهو لم يكن يُصلي.
ذلك الحديث للأسف غيَّر وجهة نظر بعض الحاضرين عن ذاك المسؤول، رغم أن محدثنا قال - في فترة من حياته- ولم يقل "كافر" أو "مُلحد".
تعجَّبت لحظتها ولم أُعلق لذلك المتحدث بشيء، كما لم تتغير نظرتي للشخص موضع النقاش، لسببٍ بسيط هو أن ذاك الرجل صاحبِ منصبٍ عام، وليس مطلوبًا منه سوى تأمين حياة كريمة للمواطنين وتذليل معاناتهم، أما حياته الشخصية له وحده، و لا أعلم ما دخل صلاته في كونه مؤهل للعمل العام وتولي المناصب أو لا، ولا أجد تفسيراً لإستياء البعض من ذلك الخبر، وماذا يضيرهم إن لم يكن مسلماً بالأساس.
فليس من حق أي فرد أن يُقحم أنفه فيما بين الخلق وخالقهم، فقيامك بعباداتك التي أمرك بها دينك شأن يخصك، نفعها يعود عليك ولا يتعداك لغيرك، وكذلك تقصيرك فيها لا يحاسب عليه غيرك. لكن ما يعيب أي إنسان ويحُط من قدره حقاً هي أخلاقه وسلوكه ومعاملاته، إن حسُنت علا بها وإن ساءت حطّت منه.
أتساءل دائماً لماذا نضرب الأمثلة بالغرب "دول الكفار" في التقدُّم التطور والإنجاز، ونرى أن الحياة في بلادهم أكرم والبيئة أنظف والحُكام أعدل، السبب ببساطة لأنهم لا يضيعون أوقاتهم في "الفارغة" والقيل والقال والحكم على الناس وتصنيفهم، يقبلون اختلافاتهم يحترمون بعضهم، ملتزمون، يأخذون مسؤولياتهم على محمل الجد. فإذا علت الهمم وبُذلت الجهود ستأتي النتائج مبهرة، هذا بالضبط ما يحدث عندهم، ونفتقده في بلادنا المسلمة التي تُقام فيها الصلاة خمس مراتٍ في اليوم.
الإسلام دين عظيم والصلاة عبادة عظيمة، لكن ما فائدة الصلاة إن كان مؤديها مُرتشٍ وآكلٍ لأموالِ الناس، وغاشاً لرعيته، مُضيعاً للحقوق، مُفرِطاً في الأمانة، ينام مرتاح البال وبعضاً من رعيته ينامون في الطرقات يبحثون عن طعامهم في أكوام النفايات.
لمثل هذا أقول: ( صلِّ فإنك لم تُصلِّ).
Post A Comment: