(هنا وهيما) | قصة قصيرة بقلم الكاتب الصحافي المصري: شعبان ثابت


(هنا وهيما) | قصة قصيرة بقلم الكاتب الصحافي المصري: شعبان ثابت


إستيقظت هنا على صوت الزغاريد في حجرة سلمي التي حضر صديقاتها لها منذ الصباح الباكر لمشاركتها فرحتها التي ظلت تحلم بها منذ دخولها الجامعة ولكن هنا كانت في عالم آخر بسبب ضيق الحال الذي ربما يحرم سلمي من تحقيق حلمها الذي لايفصلها عنه سوي 24 ساعة فقط وظلت هنا في حيرة كيف تدبر الأموال اللازمة لإتمام الزفاف؟! 


وبعد تعب يوم طويل نامت هنا نوما عميقا بعد أن سلمت أمورها لله كعادتها فهي وثيقة الصلة بربها !! 


نظرت هنا لأول فرحتها سلمي في الكوشة بفستانها الأبيض ناصع البياض وطرحة حجابها البيضاء فستان لايشف ولايظهر مفاتنها وتجلس أمامها هنا تنظر إلى نفسها في مرآتها سلمي التي تشبهها لدرجة أن زوج إبنتها كاد أن يختلط عليه الشبه بينها وبين سلمي عندما ذهب لخطبتها أول مرة عندما فتحت له هنا الباب بعد أن كان قد شاهد سلمي في فرح صديقه تجلس في حياء بجوار صديقتها ولم ترفع عينها من الأرض لتنظر إليه وهو الذي يراقبها بكل إهتمام وما كاد أن ينتهي حفل الزفاف إلا وكان قد عرف إسمها وعنوانها من صديقة صديقتها التي تسكن بجواره وقرر الذهاب لخطبتها. 


تذكرت هذا كله وهو في الكوشة بجوار سلمي التي تشبه والدتها هنا التي عاشت في هنا مع هيما منذ أن قابلته وبالصدفة أيضا في حفل زفاف إحدى صديقاتها حيث كان هيما صديق العريس ووقعت عيناه على هنا وتقدم لخطبتها ولم تتردد هنا لحظة في الموافقة على هيما وتم الزفاف وعاشت هنا مع هيما أجمل أيام العمر فأحبت هيما حبا لم تكن تتخيل أنها تحبه لشخص ما قبل ذلك وجدت فيه الأب والأخ والزوج والصديق والحبيب ذابت فيه عشقا وأحبها هيما حبا عمليا خاصة بعد أن شعرت بحركة جنينها داخل أحشائها فبحث هيما عن عمل إضافي بعد الظهر ليسد إحتياجات الطفل القادم إلى الحياة وخاصة أن هنا موظفة بسيطة لاتملك من حطام الدنيا إلا مرتبها الزهيد. 


كل هذه الأفكار جالت في عقل هنا وهي تنظر إلى سلمي في الكوشة التي كانت في أحشائها قطعة لحم وها هي الآن تشاهدها عروسة بجوار عريسها سامي الذي تتمنى من الله أن يحب شبيهتها كما أحبها هيما وأن تبادله سلمي نفس الحب الذي بادلته هي لوالد سلمي. 


ووسط هذه الأفكار التي كانت تجول بخاطر هنا سمعت صوت يناديها من بعيد وإذا به حبيب العمر هيما يتألم من شدة المرض الذي كان قد أصابه منذ عدة سنوات وكان يكتم آلامه بداخله خوفا على هنا من أن تتألم معه فهو توأم الروح حبيب العمر الذي تتنفسه هنا فتوكأ على كتفها وغادرا قاعة الفرح في هدوء دون أن يشعر بهما أحد حتى لايفسدا فرحة سلمي وسامي 


وأفاقت هنا من حلمها منزعجة لتجد هيما بجوارها فتحتضنه حضنا لم تحتضنه له من قبل وتقبل يديه ورأسه بعد أن إكتشفت أن كل ماسبق كان حلما وتكمل نومها بعد أن إستعاذت بالله من الشيطان الرجيم لتستعد لمراسم زفاف سلمي وسامي في الواقع وليس حلما نصفه جميل وآخره كابوس لتستيقظ في الصباح لتجد أختها بطه وقد أحضرت لها مبلغ من المال قد جمعته لها من جمعية مع صديقاتها وأدخلت فيها إسم هنا وقبضتها أول إسم ليتحقق حلم هنا والحكمة القائلة (العبد في التفكير والرب في التدبير). 


وتم الزفاف وأمسك سامي يد سلمي في طريقهما إلى عش الزوجية وعادت هنا تمسك بيد هيما وتنظر إلى عينيه نظرة حب وأمل في غد قريب عسى أن يأتي بخبر يسعد قلبها بسلمي الصغيرة لتحقق لها حلم العمر بأن تصبح( تيته) هنا لتعيش في هنا مع حفيدتها. 

Share To: