لا تكن ماعزًا! | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد 


لا تكن ماعزًا! | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد



إذا كنت ترى أن فلانًا من الناس مجرمًا أو آكلًا لأموال الناس بالباطل أو فاسدًا، ذلك لا يعني أن حكمك صحيح بالضرورة، كما لا يعني أن من يرى بغير ما تراه شريكٌ في الفساد وهما معًا في السوء والضلال. 

في هذا الزمان الأغبر صار إصدار الأحكام على الناس لا يحتاج إلى براهين وأدلة، وإنما فقط من نظرة أو كلمة عابرة أو موقف لا نعرف خلفياته ودوافعه، نجد أن حملات التشويه قد بدأت والحكم قد صدر، وسقط الثور وكثُرت سكاكينه.

أذكر أنه بعد سقوط نظام الإنقاذ والاطاحة بحكم عمر البشير قبل نحو ثلاثة أعوام، كان أكثر من ينتمون لذلك التنظيم أو يؤيدونه قد تنكّروا له، خوفًا من ألسنة الناس وأحكامهم، حتى وإن كانوا مثالًا للنزاهة ولم يتورطوا فيما يُدنِّس نصاعة صحائفهم البيضاء، لكن ابتعدوا خوفًا من أن يعُمّهم الشر.


خرج أحدهم قبل أيام مدافعًا عن أحد رموز النظام السابق، وقال في حقه كلامًا عاديًا لا هو تمجيد ولا إهانة، لم يُعجب ذلك كثيرين ممن يرون أن ذلك الإنسان مجرم ويجب أن يُعاقب، لكن من سيعاقبه يا ترى؟! وما ذنب من يعرفه في شخصه ولم يرَ منه غير الخير، أتُراه ينافق لإرضاء القطيع؟! 

علينا أن نعلم جميعًا أن لأولئك المنتمون للحكومة الساقطة -من تمت إدانتهم ومن لم تتم-، لهم عائلات وأُسر وأصدقاء إن لم يقفوا معهم في أزماتهم فما فائدتهم! لا أقول يدافعوا عن الباطل ولكن على الأقل لا يتحدثوا عنهم بالسوء على الملأ وإنما يناصحونهم ويعاتبونهم فيما بينهم، ثم يخرجوا للناس فلا يقولوا إلا خيرًا أو يصمتوا، ويجب أن نقبل ذلك ولا نلوم عليه أحد، فهذا رأيه الذي يجب أن يُقدّر ويُحترم، ولنعلم جميعًا أنه لا يوجد إنسان كامل أو معصوم عن الخطأ والذلل، وإنما جميعنا خطائون ومذنبون لكنه رداء من الله اسمه السِتر.


أخيرًا أقول: لا تكن ماعزًا ضمن القطيع، وكن ذا رأي.




Share To: