لحظات صفاء | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


لحظات صفاء | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن



 السلام عليكم، 

لحظات صفاء : 

لا تَدعْ أحداً يُفسِد عليك لحظات الصفاء الذهني مع ذاتك ، يسلبك من خلوتك التي تستعيد فيها قدراتك ، تُجدِّد نشاطك ، تُزيد من حيويتك ، تضع مخططاتك الجديدة ، تهيئ ذاتك للمحطة القادمة ، تستمد منها بعض القوة التي اُنهِكت في منتصف الطريق علَّك تتمكن من استكماله بنفس النشاط والشغف ، تستقبل فيها أيامك بروح متفائلة نَشِطَة بعكس تلك الروح التي بهتت منك بعض الشيء بفعل بعض التيارات المعاكسة التي هبت فجأة وأطاحت بها في دوامة لا متناهية من الفكر العميق وظلت غارقة به لفترة غير وجيزة فأفقدها زهوها وبريقها قليلاً ، ولكن لا بأس فإنْ وضع المرء نفسه في تلك البلورة التي تفصله عن العالم المحيط لبعض الوقت لتمكَّن من المواصلة دون أنْ يستسلم لأي مُحبِطات أو إثباطات أو أصوات داخلية تُرجِعه للخلف وتُسقِطه في دائرة الفشل أو بعض المؤثرات الخارجية التي قد تأخذ بيده للهاوية إنْ لم يتجاهلها وكأن ليس لها وجود ، إعادة بناء ذاته وكأنه مُقبِل على تشييد بناية جديدة ، على وشك تدشين مشروع جديد يكون عائده مثمراً مربحاً ، فهو في تلك الحالة لن يشعر بحاجته لأن يستغيث بأحد كي ينتشله من ضياعه وشتاته ، فالمرء هو القادر على إنقاذ ذاته من السقوط في فجوة الزمن التي لن يقف بعدها أو يتمكن من الحِراك واتخاذ أي خُطوات فعالة مؤثرة في مسيرة حياته ويظل نادماً غير مُحقِّق أي أمر فيها وكأنه عاجز الفكر لا يتمتع بأي مُقوِّم من مقومات الحياة فيكون كآلة تعطلت عن العمل للأبد بفعل عدم الالتفات لذلك العَطب الذي أصاب محركها فلم تَعُد تستجيب لأي محاولات لتشغيلها ، فلا تكن ذاك الشخص الذي يجعل بعض المحطات الحياتية تؤثر فيه بالسَلب بل امسك زمام أمورك وتَحكَّم في التيار لا تجعله يسوقك ويُجرَّك حيث شاء بل قاومه وتصدى له وقتها فقط ستجد الشخص الذي تمنيت أنْ تكون عليه ذات يوم دون أي مجهود جبار ، فالمحاولات المستمرة لا تضيع هدراً بكل تأكيد وهي أفضل كثيراً من التقاعد والاستسلام لسيل الأفكار اليائسة التى قد تصيب الواحد منا في بعض الأوقات رغماً عنه بفعل الظروف المختلفة ، فليتك تتمكن من الاستفادة من تلك اللحظات الفريدة التي لا تتكرر أو يهبك الزمان بمثيل لها بدلاً من إهدار الوقت في مهاترات وجلب أحزان للقلب هو في غنى عنها ، ليتك تُقدِّر قيمة ذاك الوقت النفيس وتستثمره في صياغة ذاتك من جديد وكأنك صرت إنساناً آخر يفتتح صفحة ناصعة البياض مع نفسه وكأنه وُلِد لتوِّه ولم يقترف أي من تلك الآثام أو الخطايا التي تُؤنِّب ضميره ، تُنغِّص أيامه ، تُعكِّر صفو حياته من آن لآخر ، ليت كل البشر يتخذون ذلك المسار ويحاولون القيام بذلك الأمر علَّ حياتهم تنصلح دون الحاجة لأحد أو استجداء العطف أو العون من أي امرئ كان ، فهذا ما قد يُشعِرهم بالعجز والضعف ويُرجِعهم لنقطة البداية وكأن كل تلك المحاولات باءت بالفشل الذريع بلا أي نتائج حاسمة فعلية مُحقَّقة على أرض الواقع ...



Share To: