سوق الشواشين | بقلم الفنانة التشكيلية والكاتبة التونسية / رجاء بن موسى 


سوق الشواشين | بقلم الفنانة التشكيلية والكاتبة التونسية / رجاء بن موسى



امن طشقند  كان فرسان عقبة قد انتشروا بين القيروان وفاس واشبيليا 

حاملين لواء الشاش 


وكرم حمودة باشا قد بنى للمرسكيين قباب الحفصين

 فتحت لوائها كان مقام الشواشين


وعاهد  من الساسة    المستشار الأمين صاحب  العقد والحل

  أن يقف على الشاشية التونسية

سفيرة للعرب والأروبين 


فمن  صوف ميرينوس كان  أصلها


وفي عصير زيتوننا كانت  قد نقعت لحد الارتواء


وعلى الدواب بين  سباسب باجة  و سهولها  كان   الصبايحي قد رماها في مجاري مجردة  حتى تغدو قطنا ناصع البياض 


 و بأنامل  ناعمة نفش صوفها 


وبطلب من المعلم الشواش أن ترسم القروية  من الأبر  الستة عقدا

 محبوكة  من الصاكس و الكلبوش والأزوطة 


وفي  دار البطان يقع تلبيدها بالماء والصابون 

 ليضع الشواش  على الكبوس نشان هي علامة البطان 

و تتجمل الشاشية في زغوان في حوض من الكوشنيليا أو القرمز المخلوط بعفص مذرر


وفي  الدكان  يكون الخدام الأحمر قد حشى شقوق النسيح 

لتكون بين يد الشواش حلاجة   يسابق الزمن  بالكرضون قبل ان يلامس  خيوط الصوف المتناثر 


وبأمر يصدر عن الباي  يضع  المعلم 

نيشانه على الشاشية

 لتكون أمام الحرفاء تحفة فنية اصيلة


 تجمع حضارات تعاهدت  أن تكون شاشية تونس رمزا  للحرف الخالدة


ويدخل المعلم وشاشية الكتافي معنقرة على رأسه وكنترة بيضاء قد حذاها و جبة خمري تكشف عن سروال القندليسة 

وعلى الدكانة يتربع  تم يأمر خادمه الأحمر ان ينشر شذى الصباح  للزائرين

 وخطوات علماء  الصادقية  و خطباء جامع  الزيتونة  في حاشية من الكبرياء والسلام   قداتخذو ا من جبتهم لون  غصن الزيتون موشاة  بأشمس وعلى رؤوسهم لفت شاشيتهم بعمامة بيضاء  ايمانا  و خشوعا 


و تتعالى  سورة الصمد من الكتاب

يتلوها صبية الحي و قد تربعوا  بكدرون وأعينهم تتابع ما في اللوحة 

من أيات و رؤوسهم تعلوها شاشية  مختلفة الألوان بين بيضاء و سوداء و حمراء


و بين ثناياهم عصا سيدهم تنهرهم وتنهاهم و جبينه قد تقطب تحت شاشية عرضاوي


ولحضور خيردين باشا  في مجلس الأستانة   هيبة و وقار  وقد أحضر  للسلطان عبد المجيد  هدية  يفتخر بها شاشية مجيدي من سوق الشواشين  تظيف لقفطانه الموشى بخيوط الحرير والفضة والذهب هيبة وسموا


وقد توج  الصادق باي  تاج الملك شاشية الكالبوش قد تدلت منها  الكبيتة و قد رصعت  بخبشات  هي من الأوسمة ثلاث 


وتكريما لهذه الشاشية   أمر السلطان محمود الثاني جنوده بارتداء شاشية الاسطنلولي في كل استعراض و مهرجان


فالشاشية التونسية  مهد لكل الحضارات




Share To: