ذكريات الأجداد | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


ذكريات الأجداد | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن


السلام عليكم ، 

ذكريات الأجداد : 

أصوات البهجة والصراخ تنطلق في أرجاء المكان ، أدركت حينها أنه صوت تَجمُّع الأحفاد لدى جدتهم الحنونة التي حضَّرت لهم كل أنواع المخبوزات والشطائر الطيبة التي يحبون مذاقها ويهرول كل منهم لالتهام المزيد منها قبل أنْ تفنى أو يقضي عليها البقية ، فكانت تلك مظاهر العيد كل عام في بيتنا القديم بتلك القرية التي كنا نقطن فيها في الزمن الماضي الذي انصرم وفقدنا معه كل تلك المشاعر الدافئة التي كانت تُجمِّع العائلة ، فلقد تغير كل شيء حينما انتقل كل منا لبيته الجديد عقب زيجته وقرر الاستقلال بحياته وممارستها على النحو الجديد رامين وراء ظهورنا كل تلك الذكريات التي جمعت شملنا بالماضي ، فلقد اعتراها التَغيُّر في كل شئونها واختفت معالم الدفء وانهدم الجَمع إلا من تلك الأيام القليلة التي تضطرنا للرحيل إلى القرية لمشاركة الأبناء فرحتهم بهذا التجمع العائلي الجذاب الذي نشعر فيه بالألفة والحنين للماضي أيضاً ، فليت تلك الأيام تستمر طوال العام ، ليت هؤلاء الأجداد لا يرحلون ويتركون بداخلنا المزيد من الآلام والتفرق والجفاء الذي أصاب الجميع ولم يَعُد أي منهم بحاجة لرؤية الآخر بحُجَّة الظروف ومشاغل الحياة أو حتى لقاء الأبناء الذين لا يحملون لبعضهم ذرة كراهية أو ضغينة فكانوا وما زالوا يحبون ذلك التجمع ويبتهجون به ، فلقد افتقدوه لتوِّهم كما افتقدوا تلك المأكولات الشهية الطازجة المَطهُوَّة بحُب التي كانت تُعِدَّها جدتهم وتسعد بتناولهم منها بشراهة ونهم وتكون في انتظارهم كل عام وتظل متشوقة لتلك البسمة التي ترتسم على ثغورهم بمجرد التذوق من طعامها الذي أعدَّته بحفاوة وحب شديدين دون الشعور بأي تعب مُضنٍ ، فتلك الحالة التي يعيشها هؤلاء الصغار تجعلها في أوج سعادتها ، فهي تحمل المزيد من الحب لهم وتتمنى رؤيتهم سعداء ، مرتاحي البال ، محققين كل أحلامهم ، واصلين لكل آمالهم العريضة التي كانوا يشاركونها إياها طالبين دعاءها ورضاها عنهم ، فلقد رحلت ولم ترحل تلك الذكريات من ذهني بتاتاً فأتمنى لو يعود يوم منهم فقط لأستعيد تلك المشاعر التي تبددت مؤخراً ولن ترجع مطلقاً ....




Share To: