الحب الملكى Royal Love | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة
الحب يا كرام ليس امتلاك. وهو مثل السعال لا يمكن إخفاؤهما. الحب هو المخرج من اللاوجود الى الوجود. ما جحد الحب غير جاهله، أيجحد الشمس من له بصر؟ “إيليا أبو ماضي”
أجمل أشعار الحب نظمها من لم يقرب امرأة، وأجمل رسائل الحب كتبها من ليس لهم علاقة بالأدب، لا تتوقفوا عن كتابة رسائل الحب فأنتم الشعراء أيها القراء. “احلام مستغانمي” . ويلخص فيلسوفنا البديع أفلاطون الحب قائلاً: " حالة الحب يعيش صاحبها في حالة من الاحتياج، احتياج ملح، إنه اختلال التوازن مثل الجوع والعطش، يكاد يكون من المستحيل الاستغناء عنها. “ فهل هناك تشابه بين الموت والحب؟ الحب هو موت لذيذ ، كما يقول إبراهيم فرغلي : "فكرة الموت لم تكن بعيدة عن فكرة الحب، الحب هو نوع من الفناء بشكل ما، إذ أنه يمثل حالة من حلات فناء الذات في ذات أخرى.
من قال لك إن الحب الحقيقي الصادق الخالد لا وجود له في الدنيا؟ ألا فليُقطع لسان الكذاب اللئيم! اتبعني أنا فقط، وسوف أريك حبّاً كهذا. هى كلمة من أربع حروف قادرة على تغيير حياة المرء، بل تغيير حياة الأمم. الحب كالدنيا كما وصفها الإمام علي بن أبي طلب رضي الله عنه إذا أقبلت على الإنسان كسته محاسن غيره، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه. “ ويقول الأستاذ عباس محمود العقاد رحمة الله عليه :" إذا ميز الرجل المرأة لا لأنها أجمل النساء، ولا لأنها أذكى النساء، ولا لأنها أوفى النساء، ولا لأنها أولى النساء بالحب، ولكن لأنها هي بمحاسنها وعيوبها فذلك هو الحب. “
لو أإن الحب مبتدأ فى جملة فلابد لك أن تنسى الخبر إلى الأبد. وحينما تتوقّف روحي عن عشق روحك، سيتوقّف قلمي عن عشق الحروف وتقبيل الورق، فأنتِ سر إلهامي. فمن يحيا بيننا بلا حب فهو كهف رطب لا تزوره الشمس. فلار تحبها لأنها جميلة، بل عليك أن تجعل حبك لها سر جمالها وقمة أنوثتها ورقتها. ولما لا والحب أشد أنواع السحر فاعلية. الحب مشاعر جميلة وأحاسيس راقية.. الحب هو حياة القلوب الميتة.
دَعْ عَنكَ لَوْميَ وَاعزفْ عَنْ مَلامَاتيْ إنيْ هَويتُ سَريعاً مِنْ مُعَانَاتيْ
دينيْ الغَرَامُ وَدَارُ العِشقِ مَمْلَكتيْ قَيسٌ أنَا... وَكِتابُ الشِعْرِ تَوْرَاتيْ
مَا حَرّمَ اللهُ حُباً فِيْ شَريعَتِهِ بَلْ بَارَكَ اللهُ أحلامِيْ البَريئَاتِ
أنَا لَمِنْ طِينَةٍ وَاللهُ أودَعَهَا رُوحَاً تَرِفُّ بهَا عَذبُ المُناجَاةِ
دَعِ العِقَابَ وَلا تَعْذلْ بِفَاتِنَةٍ مَا كَانَ قَلبِيْ نَحيتٌ من حِجَارَاتِ
إنيْ بِغَيْرِ الحُبِ أخشابُ يابسة اني بغيرِ الهَوَى اشباهُ أمواتِ (قصيدة للشاعر حسن المرواني)
وقديًما قالوا أن الحب تواضع، فالمغرور لا يحب الا نفسه. وهو ثورة فارسها القلب ليفوز بما يعشقه ويريده. فهو يضاعف من رقة الرجال . الحب أمان نشعره حين تقسو علينا الأيام. الحب أرواح توهب بلا ثمن. فإحساسي معك وروحي معك وكل نبضاتي لا تتوانى عن أن تتبعك.
عشقُ البناتِ حرامٌ في مدينتنا عشق البناتِ طريقٌ للغواياتِ
إياكَ أن تلتقي يوماً بأمرأةٍ إياكَ إياكَ أن تغري الحبيباتِ
إنّ الصبابةَ عارٌ في مدينتنا فكيف لو كان حبي للأميراتِ؟
سمراءُ ما كان حزنيْ عُمراً أبددُهُ ولكني عاشقٌ... الحبُ مأساتيْ
ويقول الكاتب عمرو الجندى: " أن الحب لا يموت أبدا ميتة طبيعية ، إنه دائما يعاني حينما يغادرنا ولذلك هو يفكر كثيرا ويجعلنا متشككين إن حاولنا إعادته مرة أخرى. الحب هو الديكتاتور العالمي الذي لا يخسر هيبته ولا مكانته المرموقة رغم خسارته لقضاياه."
وكأن الحب عصفورة تحملني فوق الأغصان... وكأن الحب فزورة نكتب عنه كل الأشعار...وكأنه لغز يبهرنا وطموح نسعى لحصوله...ولأن حياتي تحتاجه فأنا في عشق الحب اسطورة... إن الحب يقوم بإصلاح وتهذيب النفس والروح.
وماذا لو تراشَقْنا ♦♦♦ بعطر المسكِ والوردِ
وماذا لو تفاءلنا ♦♦♦ بفصلِ الخير والأمطارْ
وماذا لو تعاهدْنا ♦♦♦ على الإخلاص والودِّ
وماذا لو تنعَّمنا ♦♦♦ بماء الحبِّ كالأزهارْ
وَماذا لَو تقاسمْنا ♦♦♦ رغيفَ الخبز يا وَطني؟
وَماذا لو تغلَّبنا ♦♦♦ على الأوجاعِ والمحنِ.( رياض منصور)
ويمتلئ الأدب المصري القديم بالعديد من قصص الحب سواء كانت قصص الملوك مثل قصة حب الملك "رمسيس الثاني" لزوجته "نفرتاري"، وقصة الملكة "حتشبسوت" مع مهندسها وحبيبها "سننموت"، وحب الملك الشاب "توت عنخ آمون" لزوجته "عنخ إسن آمون"، والملك "أمنحتب" لزوجته "تي"، أو قصص الحب والعشق بين أفراد الشعب. الحب هو كيمياء متبادلة بين طرفين . والحب لا يقتصر على حب الرجل للمرأة. ونحن أمة العشق التى أنجبت المتنبى وامرؤ القيس والمعرى وقناديل وشموع كثيرة فى حياتنا. وبين رشاقة الكلمة ومرونتها تنطلق وتتحرر الأفكار ويبدع الكاتب.. وأن مستوى الإبداع الحسى مرتبط بمدى سعادة القارئ وثروة المؤلف اللغوية ومستوى تفاؤل وسعادة وحيوية الفكرة أو النص الشعرى
يا للتعاسة من دعوى مدينتنا
فيها يُعد الهوى كبرى الخطيئاتِ
نبضُ القلوبِ مورقٌ عن قداستها
تسمع فيها أحاديث أقوالِ الخرافاتِ
عبارةٌ عُلِقَتْ في كل منعطفٍ
أعوذ بالله من تلك الحماقاتِ
في الحب ليس هناك مكان للخسارة، فلا مجال للتنافس من الأساس. فأنا أتنفس برئتيك وأنت سر حياتي. وأنت تعيش بين أضلاعي. قيل للجمال كن فكان أنت في ابتسامتك وحنانك. وقيل للحب من أنت فذكر اسمك بديلا عن كل كلمات الحب والغزل. وكأن عيناك قدساً حصيناً لى. فما أجمل وأبسط الحياة حين نتقاسمها. فاحتياجي وشوقي لروجك ووجودك هو احتياج ستون مرة في الدقيقة . فحجم الاشتياق يفوق فكرة الزمن، لأن في الحنين لا فرق بين يومان أو عامان . والاحترام والثقة هما أعمدة أقوى أنواع الحب الدائم.
ما ضرّ لو عانقَ النيروزُ غاباتي
أو صافحَ الظلُّ أوراقي الحزيناتِ
ما ضرّ لو أنّ كفٌ منك جاءتنا
بحقد تنفض اّلامي المريراتِ
سنينُ تسعٌ مضتْ والأحزانُ تسحقُنيْ
ومِتُ حتى تناستني صباباتتيْ
تسعٌ على مركبِ الأشواقِ في سفرٍ
والريح تعصفُ في عنفٍ شراعاتي
ويذكر الأستاذ إبراهيم الكوني أن ما يُمِيت الحب ليس القِران ، ما يُمِت الحب هو روح المِلكيّة التي تتمكَّن في كلّ قِران. فالاكتفاء بالحبيب دون الاكتفاء منه هو حب صادق. فما فلسفة الحب؟ وماذا يحتاج الفلاسفة ليكتبوا عن العاشقين؟ فلسفة الحب كفلسفة الغرباء الذين يزورون المكان لمرة واحدة ويقصون طيلة حياتهم لكل من يعرفهم ولا يعرفهم بأن المكان كان رائعا هكذا يجيبنا الأديب عمرو الجندى في كتاباته عن الحب والروح النقية. ونستكمل الفكرة حين نقرأ قول الكاتب عبد السلام إبراهيم: " يحتاج الفلاسفة أن يكونوا بقرب العاشقين حتى يكتبوا خلفهم مسائل فلسفية يحتاجون سنوات طويلة حتى تُنتجها قرائحهم."
لو كنتُ ذا ترفٍ ما كنتِ رافضةً حبي...
ولكنّ عسرَ الحالِ مأساتي
فلتمضغِ اليأسَ آمالي التي يبستْ
وليغرقِ الموجُ يا ليلى بضاعاتي
أمشي وأضحكُ يا ليلى مكابرةً
علّي أخبي عن الناسِ احتضاراتيْ
لا الناسُ تعرفُ ما خطبي فتعذرني
وطلا سبيلَ لديهم في مواساتيْ
وأخيراً قالوا أن الحب الأول لا يموت , بل يأتي الحب الحقيقي ليدفنه حياً. الحب الحقيقي اللامع والمؤثر كالنجوم في السماء لا تلمسه الأيدي القصيرة. الحب الحقيقي التقاء روحين والأرواح لا تتنافس في الجمال ولا في الذكاء لأن كل الأرواح جميلة وذكية. وحين لا تستطيع النوم ، فأنت قد وقعت في الحب لأنك تدرك الأن أن واقعك أجمل من أحلامك. وحب الرجل يختلف عن جب المرأة كما ذكر برنارد شو : "الحب يستأذن المرأة في أن يدخل قلبها ، وأما الرجل فإنه يقتحم قلبه دون استئذان، وهذه هي مصيبتنا.” وأفضل حب هو الذي يوقظ الروح، الذي يجعلنا نتطلّع و نطالب بالأكثر، الذي يزرع النار في قلوبنا و يجلب السلام إلى أذهاننا.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا أحب الله العبد نادى جبريل: إن الله يحب فلانًا فأحببْه فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض))؛ متفق عليه.
وماذا لو أضأناها ♦♦♦ مصالحةً بكل سراجْ وماذا لو تعلَّمنا ♦♦♦ من البحَّار والأمواجْ
Post A Comment: