عسى ولعلَّ | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد
حين اشتد على أمي المرض، خرجت مُهرولًا أبحث عن دواء، سمعت صياح رفاقي في الطريق وهم يلعبون الكرة، يُنادون بإسمي ويركضون نحوي لأشاركهم اللعب، واصلت الجري ولم ألتفت، تعجّبت وقتها كيف يلهو هؤلاء ويضحكون وأمي تموت! لماذا كل هذا الضجيج في الشوارع! إنها "أمي" أيها العالم فهلَّا توقفت؟!
أشعر بضياع، تائه بلا دليل، بوصلة حياتي فقدت اتزانها واتجاهاتها ماعادت تُصيب، عندما كنت أتحرك في الحياة وأتعب، لا أجد مكانًا في العالم أشعر فيه أنني أخذت قسطًا حقيقيًا من الراحة إلا عند "أمي"، لذا منذ رحيلها لم أرتح، روحي منهكة، شيء في داخلي مهجور.
في وجودها كنت طموحًا، أسعى وأجتهد للنجاح والفرح، لكن فجأة تساوت عندي المشاعر، لا أقول لا يوجد ما يُفرح لكن الاحساس به اختلف، شِبه فرح، شِبه ضحك، شِبه نجاح، شبه...، كل المشاعر ناقصة من دون "أمي"، لا أحد يعرف حقيقة الوجع وشدته كما أعرفها أنا.
هكذا هي أحوال من فقدوا أمهاتهم، تختلف المفردات والقصة واحدة، في ظاهرهم أحياء يُرزقون يضحكون ويفرحون، لكن قلوبهم باليّة، مُنهكة، جرحها عميق، توابيت تمشي بين الناس، لا يدري بوجعها أحد، كان الله في عون كل قلب فقد عزيز، إنها الحياة جُبلت على النقص لا راحة دائمة فيها ولا اكتمال..
إلى الأبناء:
اعلموا أن الأمهات نِعم، والنِعم لا تدوم، لا تتوقفوا عن بذل الجهود لكسب رضاءهم واسعادهم والتواجد المستمر لأجلهم، انتبهو لأنفسكم، طمئنوا قلوبهم ولا تشغلوها بالقلق عليكم، كونوا دائمًا بخير لتكن أمهاتكم بخير.
Post A Comment: