فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد 


فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد



 بداخل كل فنانٍ حقيقي ماردٌ يسكن في أعماقه، يضيء بزيت أحاسيسه قناديل الشغف المشتعل في عينيه، متأملاً فيما حوله، باحثاً عن جمال المشهد ومعنى الحياة والروح التي تسكن في كل ما لا نفهم لغته كبشر ويتحدث خارج أبجدياتنا، ليقدم له ترجمةً نابضة من خلال الفن الذي يعتنقه ويؤمن بأنه طريقته المثلى في نقل رؤيته إلى الناس وإيصال صوته ورسائله عبر خلق عوالم جديدة تضج بالمشاعر من قلب عوالم تدور في فلك الصمت.. الصمت المفتوح على الكثير من الإحتمالات والذي تحول إلى حالاتٍ مرئية مع عدسة المصورة الفلسطينية فدوى روحانا..


فهي صاحبة تجربةٍ متميزة حققت قفزاتٍ نوعية وفي فتراتٍ متقاربة خلال سنواتٍ من العمل الإنساني والوطني والنشاط الفني الدؤوب، تركت فيه الصورة بمعناها البسيط لتعمل عليها بمعانيها المركبة والمعقدة وتبحث في أبعادها وتستنطق كل ما توثقه عدستها لتخلق حالةً وجدانية لم تكن لتظهر للمشاهد أو يعيها المتلقي دون أن تلتقطها روح الفنانة قبل عدستها، فإحساسها بالمسؤولية وإيمانها بالقيمة التي تقدمها إلى جانب حساسية العين ورهافة الشعور التي تمتلكها تجاه أي مشهد وحتى تجاه كلماتها وخطواتها ومواقفها يضعها في خانة الفنانة المثقفة والموهوبة التي تحترم دورها ورسالتها وتحترم المتابع لأعمالها، والذي بنت معه جسراً من الثقة المتراكمة عبر سنواتٍ من الأعمال التي نجحت في تحقيق صدىً أوسع بكثير من حدود فلسطين المحتلة بإتجاه الدول العربية والمشاركة في العديد من المعارض الفنية كصاحبة تجربة وحتى كعضو لجنة تحكيم في معارض دولية..


وتمتلك فدوى روحانا أكثر من وجه تماماً كما تمتلك أكثر من روح، ففدوى تملك موهبةً متميزة في الكتابة لا تقل جمالاً وسحراً عن موهبتها في التصوير، ونجد هذا التعدد الذي يتكامل مع بعضه البعض حاضراً في أعمالها حيث نجد رقة ما تكتبه منعكساً في لقطاتها الفنية المميزة، ونجد قدرتها على تصوير المشهد من خلال نصٍ قصير مكثف ومحمل بالصور الشعرية والإنسانية، كما نرى أنها تعطي لكل حالةٍ حقها بحيث لا يطغى عنصرٌ على الآخر وإن اشتركت جميعها في إبراز مشاعر الغربة والبؤس والوحدة والتيه والبحث عن طريقٍ ما للإنعتاق من الإحتلال الذي خلق كل هذه المشاعر المؤلمة والتي حرصت فدوى روحانا على نقلها بأمانة واعطائها حقها في التنفيس عن حزنها وغضبها، فالوجوه عاملٌ أساسي وهام في مختلف أعمالها حيث تقضي وقتاً طويلاً في رصد الإنفعالات وردات الفعل بتدرجاتها وتنوعها بين مختلف المراحل العمرية والخلفيات الدينية والثقافية والإجتماعية ليس فقط للمواطن الفلسطيني، بل تشمل أيضاً وجوه الحجاج والزائرين في مدينتي القدس وبيت لحم حيث توثق الدهشة التي ترتسم على ملامحهم في حضرة الأماكن المقدسة، وأيضاً خلال تواجدهم في شوارع وأحياء المدن الفلسطينية والتي يرون فيها عن قرب حياة الفلسطينيين بشكلٍ مباشر، تلك الحياة التي يتفاجأ البعض فيها أنهم على قيد الحياة لكنهم يتخبطون خلف الوجوه والأزمنة والأقنعة والحالات في أيامٍ مفروشة بالأشواك لها طعم الحصرم ولون الرماد..


كما نلاحظ هالةً من القدسية تحيط بالأرض والصحراء والطبيعة وحالاتٍ من الإنصهار والذوبان فيما بينها، ربما لأنها عرابة الأحزان وشاهدةٌ على الزمان في وقتٍ رحل فيه الكثيرون ممن عاشوا عليها وانعجنوا بأجزائها وأصبحت رائحتها ملاصقةً لجلدهم، فنرى هذا التداخل المدروس بين اللقطات بشكلٍ فني مفعم بالإحساس وتذوب عنده حدود وفوارق الزمان والمكان، وتتجند فيه كافة العناصر لإستحضار الحالة الفلسطينية بكل ما فيها وبعيداً عن أي افتعال، وهو ما يكتمل بحضور البيوت والقرى الخالية التي هُجِّرَ منها أهلها فهجرتها الحياة من بعدهم وظلت تحكي حكاياتهم لليل والريح، تحكي عن ضحكاتٍ غائبة، عن أفراحٍ وأغنيات وأطفالٍ كثر كانوا يزينون هذه الأرض التي تأبى النسيان ولا زالت تحكي بلغتها التي خيم الصمت على حروفها..


وبالتأكيد فإن مسيرة الفنانة والمصورة الفلسطينية فدوى روحانا تستحق أن يتم التوقف عندها للإضاءة على العديد من المحطات الهامة فيها، وعلى اختلاف تجربتها وطريقة عرضها للقضية الفلسطينية في إطار إنساني وفني يتمتع بالمصداقية والشفافية والرقي، خاصةً وأن السنوات تزيدها نضجاً وألقاً وتجعلها أكثر تمكناً من أدواتها ورسالتها وتعزز رؤيتها ومكانتها التي صنعتها لنفسها وصنعت من خلالها شكلاً وأسلوباً وخطاً يميزها كفنانة تجيد توجيه الضوء لإمتلاكها ذلك الحس الذي يجيد العزف على أبجديته والتعامل معه بحرفية وإقتدار..


خالد جهاد..


فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد




فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد
فدوى روحانا 


فدوى روحانا.. العزف على أبجدية الضوء | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد
خالد جهاد 


Share To: