إمرأة قهرت الصمت | بقلم الكاتب الصحافي المصري شعبان ثابت
أصدقائي وقرائي الأعزاء كنت ممسك بالريموت أتنقل بين القنوات وإذا بي أتوقف أمام سيدة تتحدث بشكل مبهر وأنيق في الأسلوب نموذج لفتاة مصرية تحدت كل الظروف لتصبح أول طبيبة في مصر والعالم تتحدى الصمت لتكون الصماء التي أسمعت صوتها للعالم أجمع فبحثت وكتبت لكم قصتها إنها الدكتوره
فاديه عبدالجواد على
التي ولدت 1961 لأب وأم من أسرة متوسطة الحال الأب أعمال حره والأم ربة منزل ولها من الأخوة ستة وكأي طفلة إلتحقت بالمدرسة الإبتدائية وتفوقت فيها وكانت كتلة من الحيوية والنشاط تغني وترقص باليه وتشارك في كل الأنشطة المدرسية حتى أصيب في الصف السادس ( بحمي شوكية)تحديدا يوم 22 مارس 1973 بعد حفل عيد الأم بالمدرسة والتي غنت ورقصت فيه ودخلت على إثرها إلى المستشفى في غيبوبة أفاقت منها بعد أسابيع على خبر إصابتها بالصمم لاتسمع شيء وهنا بدأت المأساة والتحدي.
ماذا تفعل طفلة في عمر 11 سنة تحدت الواقع وأكملت إمتحاناتها ولم تفقد درجات إلا قطعة الإملاء لأنها لم تسمع المعلمة ورفضت أن تغشها بعد تعاطف المعلمة معها لأنها كانت تؤمن بحديث ( من غشنا فليس منا) وتفوقت وتعلمت لغة الشفاه وواصلت تعليمها الإعدادي والثانوي حتى تحصلت على مجموع 98٪ في الثانوية العامة قسم علمي.
لتلتحق بكلية طب عين شمس كأول صماء في تاريخ الكلية والعالم أجمع وتجاوزت كل الصعاب التي تتخيلوها في دراسة الطب عملي ونظري ولغة إنجليزية بفضل تعاون أساتذتها وجهدها ومثابرتها وتخرجت بتفوق عام 1986 وتخصصت في قسم (الجلدية والتناسلية) لتصبح أول طبيبة صماء في العالم وعملت بأحد مراكز الأمومة والطفولة وتزوجت وأنجبت أربعة من الأبناء ولدين وبنتين جميعهم تعليم عالي وفي مراكز مرموقه!
وسافرت لتعمل خارج مصر وتفوقت في عملها وفي عام 2006 أجرت أول عملية لزرع قوقعة في أذنها اليسرى ليعود لها السمع بشكل جزئي بعد صمم طيلة 33 عام وفي عام 2014 أجرت العملية الثانية على أحدث التطورات الطبية ليعود لها سمعهابشكل كامل وتستخدم الفون بعد 41 عام من الحرمان لأول مره بعد إلحاح من إبنتها جهاد التي تعيش في أمريكا لتكون أول كلمات تسمعها منها في ليلة زفافها وهي تغني
(م الحلم ده متصحنيش) ليتحقق حلمها وحلم إبنتها.
وتنطلق إلى عالم الطب في كبري المستشفيات علاوة على عيادتها الخاصة وأخيرا قامت بكتابة قصتها في كتاب ( أنين الصمت) الذي صدر في معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام ونال إعجاب الجميع وقررت أن توجه عائد مبيعات الكتاب لمستشفى بهية لعلاج سرطان الثدي وكذلك لزراعة القوقعه لتصبح السيدة التي كسرت المستحيل كأول طبية صماء في مصر والعالم لتُسمِع العالم كله ويغزو إسمها صحف ومحطات العالم العلمية والطبية ونحن هنا في مصر نجري وراء الترندات الهابطة من كشري وفلفل وشطه؟؟
تحياتي وتقديري لهذه السيدة الأنيقة في حديثها المناضلة علميا وإنسانيا عَزبة اللسان حلوة الكلام عندما تسمعها لاتملك إلا أن تقف لها تحية وإحترام وبصفة شخصية أطالب بتكريمها في حفل ( عيد الأم) القادم من قبل السيد الرئيس السيسي كنموذج يُحتذى به للتحدي والصبر والمثابرة.
وإلى أن نلتقي مع شخصية أخرى أترككم في رعاية الله وحفظه
Post A Comment: