عقوق الوالدين | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


عقوق الوالدين | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن


السلام عليكم ، 

عقوق الوالدين : 

إن الأبناء كأي أمر في الحياة قد يكونوا نعمة أو نقمة ، فإنْ اتبعوا أوامر الله في طاعة آبائهم كانوا من أفضل الخَلق واتسموا بأرفع الخُلُق وإنْ أساءوا لهم أو أهملوهم أو تأففوا من متطلباتهم عاقبهم الله في الدنيا والآخرة ، فلقد نهانا الله عن تلك الأفعال المسيئة التي تُشْعِرهم بكم الضيق الذي يجثم على نفوسنا ، الحنق الذي تمتلئ به صدورنا وقتما يطلبون منا القيام بأمر ما من خلال آيات كتابه الكريم : ولا تَقُل لهما أُفٍ ولا تنهرهما وقُلْ لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً ، فما بالك إنْ اجتمعت كل تلك الخِصال في شخص واحد فلسوف ينال جنات الخُلد ويهنأ في النعيم الدائم بها ، وأما مَنْ استكبر وعصى الله فلسوف يذوق العذاب ويلات وسوف تُرَد إليه الإساءة والمعاملة الفجة الجافة التي اتبعها معهما فعليه أنْ يضع تلك اللقطة بعين الاعتبار حتى لا يتعجب وقتما يحين دوره ويُرَد له الصاع صاعين على اختلاف الفارق بين الأجيال التي دوماً ما تتطور نحو الأسوأ ويزداد جورها وجحودها وظلمها لكل مَنْ حولها بدايةً من الآباء وصولاً إلى الأصدقاء والمجموعات القريبة منهم ، لذا فكل شيء يأتي بالتدريج فتلك الطاعة التي يُؤمَرون بها لا بد من مؤشرات تُمكِّنهم من تطبيقها بالشكل السليم وذلك من خلال زرع تلك المعاملة السوية فيهم منذ الصغر ، فعلى الآباء دور هام في نقل ذلك المفهوم فإنْ قوبل التعامل السوي بمثيله لن تخرج الأجيال عن الإطار المألوف من الأدب والقيم المُثلَى ولن يحدث ما نراه اليوم على الساحات وأرض الواقع من عقوق وخلافات تنشب بين الآباء والأبناء بفعل أمور سفيهة لا تستحق التحدث فيها أو الالتفات إليها من الأساس وقد يصل الأمر أحياناً إلى القطيعة ، فلا بد من أساسيات تقوم عليها تلك العلاقة حتى تصير قوية وطيدة وتسير على نفس  المنوال بين الأجيال المتعاقبة حتى آخر يوم في حياة أي منهم ، فنحن لسنا بحاجة لمَنْ يُقوِّم سلوكياتنا مع آبائنا فهو أمر راسخ داخلنا بالفطرة لسنا بحاجة لتَعلُّمه ولكنهم قد يساهموا في اكتسابنا له من خلال تعاملهم البسيط معنا وقتما كنا صغاراً ، فنحن الأكثر درايةً بأصالة وقداسة تلك العلاقة بلا تَدخُّل من أي أطراف خارجية تساهم في التوعية والتوجيه ، وإنْ أصابها بعض الخلل أو الفتور في فترة ما بفعل أي اختلاف في وجهات النظر علينا أنْ نلجأ للتفاهم حتى نصل لحل مناسب يرضي جميع الأطراف بحيث يُوصِّلنا في النهاية لعدم خسارة أعظم ما أنجبت الحياة ، فتلك العَطيَّة لو ضاعت منا نصبح كالتائهين الضالين لن نجد مَنْ ينصحنا بحذر وحرص وحب وخوف ، يخشى علينا من خسائر الدنيا وهزائم الأيام وضراوة البعض ، لذا علينا أنْ نفكر بروية قبل الخوض في معارك خاسرة معهم فلن تُعوِّضنا الحياة إياهم ولا توجد أمور تُحَل من أول محاولة ، فالجدال والمناوشة قادران على منحنا الإلهام الذي يساعدنا على العبور من الأزمة دون أنْ تتعقد أو يحتدم الشجار و يشتد العداء بيننا وبين آبائنا بفعل أمور واهية عديمة القيمة ، فتلك القضية المتمثلة في كسب ود الأبوين هي الأعظم شأناً إنْ أحسنا النظر فلن تدوم تلك الأمور التي نسعى للحفاظ عليها ولن نحظى سوى بما كُتِب لنا منذ بدء الخليقة فلا داعي لكل تلك المهاترات التي نفتعلها من العدم بفعل الرغبة في الحصول على أشياء هي الأقرب إلينا إنْ امتلكنا مزيداً من الوعي وقت النقاش فلن يزيدنا إلا تقدماً وبصيرةً وينير طريقنا وقلوبنا ويرشدنا لما فيه الخير لنا على المدى البعيد لأن ذلك هو المنهج الذي أمرنا الله باتباعه بلا حياد عنه إنْ أردنا لآمالنا التَحقُّق فبدعوة منهم تتحول كل المتعسرات لأمور يسيرة ...




Share To: