تَصدُّر السفاهة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


تَصدُّر السفاهة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن



 السلام عليكم ، 

تَصدُّر السفاهة : 

تبدلت الثقافات عبر الأزمنة المتعاقبة حتى صارت السفاهة هي المُتصدِّرة في القمة وصرنا نُورِّث تلك السطحية للأجيال الناشئة وكأننا نُبقِي عليها دون دراية منا ، فلقد صارت مصدر جذب للكثير منهم لنيل المزيد من الإعجاب ،  فبدَوْنا غير مدركين أننا بذلك نساهم في تفشي الفساد في المجتمع بشكل أكثر توغلاً مما يؤدي لانحدار الذوق العام وانحطاط الأخلاقيات أكثر مما هي عليه في الوقت الراهن ، غير آبهين أن تلك الثقافة هى المرآة العاكسة لمظهرنا ورقيِّنا أمام بقية الشعوب وهي ما تُثبِت قيمة شعبنا وتراثنا الذي خسفنا به الأرض وحوَّلناه لقطعة صدأ بدلاً من ارتكازه على الثقافة والمطالعة وندوات الأدب التي كان يتردد عليها رواد الفكر من أبناء الجيل السالف والتي كانت أمارة من أمارات التقدم الفكري والمقياس الذي يشير إلى ازدهار ونهضة الأمة فلقد اختفت معالمها بالتدريج إلى أنْ قلت تماماً في الوقت الحالي وبهذا شوَّهنا صورتنا أمام الجموع وصار الحشد الأكبر في انغماس أكثر في ذاك الوحل غير قادرين على الخروج منه ، معتقدين أن به تألقهم وتقدمهم وكأنهم بذلك يواكبون العصر ، فالاختلاف هو ما يُبرِز المرء في تلك الحالات التي صار الجميع فيها متشابهين فغدونا غير قادرين على التمييز بين مُختَلف البشر الذين لم يَعُد يُفرِّقهم أي شيء سوى بعض الملامح فحَسب والتي أوشكت على الاندثار هى الأخرى في القريب العاجل ، فيكفى اتباعاً لأمور لا قيمة لها أو طائل من ورائها سوى مزيد من الضياع والتفكك لهذا الشعب الذي صار المحتوى الذي يُقدِّمه أغلب مواطنيه في الحضيض كل مدى وما زلنا في انتظار أي تغيير أو تَبدُّل لذلك الحال الذي وصلنا إليه للتو ، ولكن ماذا ننتظر من عقول خاوية غير قادرة على النقاش سوى في ترهات بلا جدوى ؟ ، فليذهب المجتمع بكل تطوراته وما يطرأ عليه من مستجدات للجحيم إنْ كان سيصل بنا لهذا الحال البغيض بلا قدرة على تغييره نحو الأفضل بكل ما بوسعنا أو الحفاظ عمَّا تبقى من الجيل القديم فلقد فاض بنا وطفح الكيل ولم يَعُد بمقدورنا تَحمُّل المزيد ، فالحفاظ على رونق البشر وثقافاتهم المعهودة هو ما يُكسِبهم الطابع الفريد الخاص بهم ، المُميِّز لهم ، ويمنع عنهم الفشل والضياع والجهل اللامحدود الذي سوف يَلْحَق بهم ولن ينتهي أثره ولو بعد آلاف السنين إنْ لم نحاول نسفه في أسرع وقت ممكن ، فلا بد أنْ ننتبه لما يدخل عقول البشر صغاراً وكباراً آملين في ظهور أجيال أكثر تأثيراً في المجتمع بشكل فعال إيجابي بلا ركض وراء ما يُغنِيهم فقط ويجلب لهم أموالاً طائلة وإنْ كان بلا فائدة تعود عليهم أو على المجتمع بأسره ، فلا بد أنْ يكون هذا مسعاهم الذي يقصدونه بلا خوف من نظرة الآخرين لهم ، فلكلِّ دور عليه القيام به على أكمل وجه ممكن بلا تفكير في شيء سواه فإنْ أخفق فيه فسيشعر بأن حياته بلا قيمة بِحَقْ بل هي أيام تنقضي فحَسب بلا تقديم أي جديد ، فعليه ألا يترك ذاته إلى أنْ يصل لتلك الحالة المذرية ، فالحياة القيِّمة تتشكل من إرادة صاحبها ورغبته في الوصول لغاية سامية بأسلوب لبق نبيل شريف دون أي تلاعب أو مراوغة أو زيغ أما بغير ذلك فسيصبح إمعةً كالبقية بلا رجاء أو جدوى يعيش في بلاهة وصفاقة وتيه وتخبط دون أنْ يحقق شيئاً في نهاية المطاف ...




Share To: