مِحبرة وحِبر بلا ريشة | بقلم الكاتب الصحافي اليمني عمر القملي 


مِحبرة وحِبر بلا ريشة | بقلم الكاتب الصحافي اليمني عمر القملي



حالة من طغيان الكلمات وعصيانها، تذهب بعيدًا عن صوتي الداخلي، أصبحت فيها الحروف عاقَّة لا تطيعني، لا أدري بماذا سيعاقبها الله جزاء لجحودها بي، ولكن الذي أعرفه أنني سأعاقب كل طرق التعبير أشد عقاب، في اللحظة التي تنساب أيما إنساب في ليلة ما، سأقرص على أذنها لكي تستمع لآهاتي وآحاي وفرحتي، وتفور مني كينبوع ماء من صمتي، أريد رصف الحروف وعدها كأولادي، وأن تنتسج من داخلي كما النطفة التي أودت بهم إلى الحياة. إنها انفجارات لاحتباس طائل ظل يشاهد حوله ويهيج بالداخل كمفاعِلات نووية تريد أن تؤدي دورها لما صنِعت من أجله في الحياة أو بالأصح في تدمير حياة الكثيرين، هالة عظيمة كتلك المفاعِلات محبوسة في قلمي، وكأنها حبر داخل اسطوانته لا رأس لها لتنفد منه، تريد أن تدمر كوابيس ذاكرتي وتستعيد الأسطورة للعالم وتشاركهم قوت حالاتهم اليومية.


لم أطلب الكتابة لتأتيني صاغرة أو تتفضل عليَّ بإنقاذي من الظلمات، أريدها أن تظل بجانبي خامة تؤنسني وأطمئن بكنزها، فلي معاول ستجعلها صاغرة آن ذاك، أحتاج إلى ميثاق منها يطمئنني بالسطو عليها في الوقت الذي أشاء، يكفيني خوفًا من العجز إلى هذا الحد، أوشكتُ على الانتهاء بشكل هارٍ يتقطر، ولم يتقطر معي البوح ليحمي أجزائي من الانسياب. 


جُل ما أعرفه هو الإشادة للحبر أن يجد طريقًا للخروج من محبسه، وليس بالضروري إلى أي اتجاه! أو كيف أو لماذا! يكفي أن يغنيني عن الوقف الاضطراري بينما يتجلجل داخلي ويتآكل فينهار، إلى قعر لا أعلم كم المسافة إليه سوى أنه هاوية. وطالما تشدني أنفاسي إلى الزفير فقد يتسرب إليَّ النفاد إلى الخارج، إلى حيث الفضاء الواسع مِن الأعين القارئة، أو حتى إلى مكب نفايات فالمهم ألَّا يتعفن داخلي، ويجعل مني شخصًا لا يجد طريقة لرمي الكلمات على سطح ورقة، أنا مِحبرة ولي حبر لكنني بتُّ أبحث في نفسي عن ريشة تخرِج عني سائل حديث أغرقني في صمت.




Share To: