البيت المسكون | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


البيت المسكون | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن


 السلام عليكم، 

البيت المسكون : 

رأيتهم يهرعون نحو الخارج واحداً تلو الآخر دفعني فضولي لمعرفة ما الأمر ، ما الذي يجري في المحيط ؟ ، لماذا يرحل الجميع عن هذا المسكن الذي يبدو مُقفَراً وكأنه لم يسكنه أحد من قَبْل رغم كثرة قاطنيه ، دخلت أتسلل على أطراف أصابعي دون أنْ أُصدِر أي همسات كي لا أُزعِج مَنْ بالداخل ، وجدت ما لم يخطر ببالي يوماً ، ما اقشعر له البدن وارتجف ، لقد كان شخصاً يُصدِر أصواتاً عالية وكأن أصابه مس أو ما شابه ، شيء بعيد عن عالمنا لم أُصدِّقه أو أقتنع به بَعْد ، أُصبت بالذعر ، قررت الفرار كما فعل غيري ولم يتبقَ سوى ذلك الشيخ الذي أتاه من مكان نائي ليساهم في شفائه مما أصابه لتوِّه فلقد كان معتاداً على مثل تلك الحالات ، لم أتحمل ذلك المشهد كما لم يتحمله الجميع ولكن فور رحيلي جلست أتساءل في قرارة نفسي لِمَ لم أُكمِل المشاهدة علِّي كنت عرفت المزيد عن هذا الأمر الغامض الذي لا نراه سوى على شاشات التلفاز الذي ينقل لنا تلك الأعاجيب التي يفعلها البشر ببعضهم البعض وكأنهم يقصدون منها بث القلق والفزع في قلوبنا والشك في أقرب الأقربين الذين لا نعلم هل يضمرون لنا مثل هذا الشر وراء تلك الوجوه الباسمة التي يستقبلوننا بها أم أنهم على خير يحملون قلوباً صافية نقية ونوايا صادقة تجاهنا ؟ ، الكثير من التساؤلات التي جالت بذهني أثناء رحلة عودتي لبلدي وبيتي الذي اشتقت إليه كثيراً بعد ذلك المشهد المُروِّع الذي رأيته مؤخراً ، لا أعلم هل ستقودني أرجلي للرجوع لهذا المكان مرة أخرى من أجل الاطمئنان على هذا الإنسان الذي تبدو على معالم وجهه الطيبة والصلاح والتقوى والذي أثق بأنه يعاني الأمرَّين من أجل فك عواقب ذاك السحر الذي جلبه له هذا الشخص غير السوي ؟ أفكر ثم أتراجع لا أعلم أهو خوف أم رغبة في الابتعاد عن كل ما هو غير مألوف أو معتاد في عالمنا السوي الذي نحياه ؟ ، فأياً يَكُن الكُره الذي تكنه لأحد فلا تدعه يسمح لك بالقيام بتلك الأفعال المُنحطة التي تؤذيه وتجلب له الضرر وقد تُوقِّف أمور حياته لفترة غير وجيزة رغبةً في الانتقام ولكن من ماذا ومِن مَنْ ؟ ، ألا يعلم هذا النوع من البشر أن كل الأفعال تُرَد سواء أكانت خيراً أم شراً وأن ما جرَّعته لغيرك سوف تتذوق من مثيله بل وأفظع منه ولو بعد حين بغير العذاب الذي سوف تراه في الآخرة ؟ ، فلِمَ كل هذا الشر العلني الذي يمارسه البعض على مرأى ومسمع من الجميع دون خشية افتضاح أمرهم أمام الغير أو رغبة في التخفي قبل اكتشاف تلك الجريمة الشنعاء التي ارتكبوها وكأن قلوبهم قد خَلَت من كل سمات الرحمة والمودة تجاه الآخرين ؟ فهل هذا هو ما أمرنا الله به في تعاملنا مع الغير ؟ ، هل تلك هي القيم التي نحاول توريثها للأجيال القادمة ؟ لا أعلم أين وقعت حينما تعرضت لمثل هذا الموقف البشع فقد كان كابوساً حمدت الله أنني أَفَقْت منه على خير فقد شعرت وكأنني سقطت في الجُب بلا خلاص حتى كدت أختنق ولم أجد مَنْ يساعدني حتى استيقظت من نومي وعُدت لحياتي بعدما محوت ذلك المشهد من ذهني ولم أَعُد أفكر به بَعْد حتى لا أُنغِّض حياتي وأُصاب بالمتاعب التي لا نهاية لها البتة ...




Share To: