الدعاش.. مرسال الحب بين الأرض والطفولة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد


الدعاش.. مرسال الحب بين الأرض والطفولة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد
كوثر إبراهيم علي


بدأت الدعوات إلى الإهتمام بأدب الطفل تلقى استجابة ً من العديد من المبدعين على امتداد بلادنا، وحتى وإن لم تصل إلى ما نتمناه حتى الآن كماً وكيفاً لكن العودة في حد ذاتها تبشر بالكثير سواءاً كان ذلك على صعيد الكتابة أو الرسم أو الطباعة أو الإخراج الفني، والتي تشير إلى إرادة ورغبة حقيقية في تقديم ما يحتاجه أطفالنا اليوم وتشير أيضاً إلى زيادة الوعي بالمتغيرات التي تعيشها مجتمعاتنا، والتي تتطلب عودةً بأسلوب مختلف يساهم في دوران عجلة الثقافة من جديد والتعامل معها بمعطيات قادرة على مواكبة الأجيال الجديدة ومفردات العصر الذي يعيشونه ونعيش فيه معهم..


ومع صدور عدد من التجارب المميزة في الأردن ولبنان وتونس وسوريا نحتفي اليوم بصدور عمل جديد للأطفال من رسم وكتابة الأستاذة والفنانة التشكيلية السودانية كوثر إبراهيم علي، وما يميز هذا العمل بدءاً من عنوانه (الدعاش) والذي يعني باللهجة السودانية المحلية (الرائحة الجميلة التي تسبق هطول الأمطار) هو بساطة فكرته وجمالها واستلهامها من إحدى الحكايات الشعبية في السودان، والذي يخلق رابطاً بين الطفل وبيئته الأم ويثبت علاقته بهويته من خلال قصة يعيش أبطالها في الغابة مع الحيوانات والأشجار قبل أن يعلنوا تذمرهم من الرياح التي تتصالح معهم ويتحول (الدعاش) إلى مرسالٍ بينهم لينبأهم بقدوم الأمطار..


وهو ما يفتح آفاق الطفل ويعلمه اكتشاف مختلف مكونات الطبيعة واحترامها واحترام خصوصيتها وقوانينها خاصةً وأنه لا غنى لأحدهما عن الآخر، كما يعيد طفل اليوم إلى التعامل الحقيقي مع كل ما حوله بعد أن غرق معظم الأطفال في عالم افتراضي من صنع الأجهزة الذكية التي أبعدتهم عن الكتب والأقلام والألوان والألعاب كما فصلتهم عن واقعهم ومحيطهم وساهمت في اختلال شخصياتهم منذ سن باكر جداً، وكون هذه القصة مستوحاة من البيئة السودانية فإنها تفسح المجال للطفل السوداني كمثال بأن يكون ممثلاً من خلال شخصيات ورسومات تشبهه وتشبه ملامحه وصفاته دون أن يتم تغييبه أو فرض تبعية ثقافية عليه ودون أن يطلب منه التماهي مع أنماط بعيدة عنه بل تساعده على أن يكون فرداً منتجاً قوياً معتزاً بنفسه ومعتمداً على ذكائه وموهبته وفخوراً بجذوره لأننا في أشد الحاجة إلى جيل يجمع بين الوعي والإنتماء عدا عن الحاجة إلى تعميم ثقافة احترام الأرض وعدم التعدي عليها لأنها تخصنا جميعاً كما تخص الأجيال القادمة..


كما أنه لا يمكننا إغفال نقطةٍ هامة وهي أن استخدام التقنيات بشكلٍ مفرط والإعتماد عليها وعلى البرامج الحديثة المستخدمة في الرسم حالياً قتل الجمالية والتميز الذي يفترض أن يتمتع به كل فنان أو رسام، وجعل هناك ما يشبه صيغة أو طريقة أو أسلوباً موحداً في رسم وتقديم الشخصيات التي تتضمنها عادةً قصص الأطفال والتي تمتاز بالبراءة وخفة الظل وقربها من مخيلة الطفل، وهو ما يقرب المضمون والمحتوى له أكثر فأكثر، خاصةً وأن الأجيال السابقة شهدت وجود رسامين وكتاب تركوا بصمةً لا تنسى وجعلت أعمالهم متميزة يشار إليها بالبنان وهو ما يغيب عن المشهد بشكل شبه كلي، وما يجعلنا نشجع هذا الإصدار الذي يذكرنا بما افتقدناه ونحتاج أن نقدمه لأطفالنا  وندعو إلى دعمه وتقديم المزيد من الخطوات المشابهة من فنانينا على امتداد بلادنا، حيث تحمل هذه القصة اللمسة الإنسانية النابضة في رسوماتها بعيداً عن القوالب الجاهزة المصنعة والخالية من الإبداع والتفاعل البشري، ونعول عليها وعلى غيرها من المشاريع التثقيفية أملاً في استعادة الطفولة التي باتت غريبة في أحضاننا وتبحث عن من ينقذها ويرأف بها..


الدعاش.. مرسال الحب بين الأرض والطفولة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

الدعاش.. مرسال الحب بين الأرض والطفولة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

الدعاش.. مرسال الحب بين الأرض والطفولة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

الدعاش.. مرسال الحب بين الأرض والطفولة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

الدعاش.. مرسال الحب بين الأرض والطفولة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

الدعاش.. مرسال الحب بين الأرض والطفولة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

الدعاش.. مرسال الحب بين الأرض والطفولة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

الدعاش.. مرسال الحب بين الأرض والطفولة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد


كوثر إبراهيم علي


خالد جهاد 


Share To: