التقبُل والتغافُل | بقلم الأديبة المصرية نجلاء محجوب 


التقبُل والتغافُل | بقلم الأديبة المصرية نجلاء محجوب



التغافُلُ هو القدرةُ على تجاهلِ الأمورِ عن قصدٍ، وهي مهارةٌ لا يتقِنُها إلا بعضُ الأشخاصِ الذينَ يتمتعونَ بالذكاءِ الاجتِماعي؛ فالتظاهُرِ بعدمِ الانتِباه لزلّاتِ وهفواتِ الآخرينَ، والعفو عن أخطائهِم دونَ إشعارِهِم بارتكابِها؛ هو فنٌ من فنونِ الحياةِ، ومهارةٌ من مهاراتِ الذكاءِ الاجتماعي، فالمُتغافِل لديه رؤيةً، وهي أنّ نظرةَ الأشخاصِ للأشياءِ قد تختلفُ من شخصٍ لآخَرَ، وذلك لِعمقِ الفِكرِ والثقافةِ، واختِلافِ البيئةِ، والتي تلعبُ دورًا أساسيًا في ذلك، وهذه الرؤيةُ إن طبّقَها الشخصُ في عِلاقاتِه الاجتماعيةِ وعلاقتِه مع زملائه في العملِ؛ سيصلُ إلى نفسيةٍ مُتصالحةٍ مع الآخرينَ، وسيتمتَع باستقرارٍٍ نفسي ومِزاجي، و يجِب أن يُدَرَس التغافُلَ كمهارةٍ حياتيةٍ، ويتِم إدارجَه ضمن مناهِج التعليم، وَتُعَلِمَه المدارسُ، لأنّ تأثيره كبيرٌ على الفردِ والأسرةِ والمجتمعِ، أمّا التقبُل فهو قبولُ الأخَرَ رغمَ اختلافَه، قبولَه بأخطائه وعيوبِه، لأنّكَ ترى أنّ فيه صفاتٍ جيدةٍ تجعلُكَ تتغاضى عن عيوبِه، والتقبُلَ لا بد أن يتبعَه التغافُلَ، وهو فنٌ لا يتقِنُه إلا الأذكياءَ، فمِن النُضجِ الفِكري ألا ندقِقَ في التفاصيلِ، ونتغاضى عن صغائرِ الأمورِ وتوافِهِها، لأنّ التدقيقَ وعدمَ الترفعِ عن صغائرِ الأمورِ قد يتسبَبَ في مشاكلٍ لا حصرَ لها، إضافةً إلى أنه يستهلكُ طاقتكَ في مناقشاتٍ لا قيمةَ لها، وحتمًا هذه الأمورُ ستعكِر صَفو العلاقاتِ بين الأفرادِ؛ سواءَ علاقات ذوي القُربى، أو الأصدقاءِ أو زملاءٍِ في العملِ، فهناك أشياءٌ لا تستحِقَ التحدثَ فيها، ولو تغافَلتَ عنها لمرّت الأمورُ بسلامٍ، ولا شكَّ أنّ المدقِقَ والمتَتبِع للسقَطاتِ شخصٌ محدود التفكيرِ، فعلى الفردِ أن يلتَمِسَ مواطِنَ الجمالِ في الآخَر،  وعليه إظهارَ الغفلةِ عن العيبِ أو النقصِ مع علمِه به واطلاعِه عليه، تفضُلًا على المُتغافلِ عنه، وترفَعًا عن الحديثِ في صغائرِ الأمورِ.. 


يقولُ "جُبران خليل جُبران": 

إذا تعلّمتَ التجاهُلَ؛

فقد اجتزتَ نصفَ مشاكِلِ الحَياةِ..




Share To: