ردا علي منكر الحجاب | بقلم دكتورة روحية مصطفى الحنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة


ردا علي منكر الحجاب | بقلم دكتورة روحية مصطفى الحنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة



طلت على الساحة الإعلامية الباحثة عن شواذ القضايا، شيخ من الشقيقة تونس يعلن فيه أنه أقنع زوجته بخلع الحجاب، واستند إلى قصص واهية لا محل لها من الإعراب في الموضوع، وبعد أن غرد على تويتر بأسفه على هذا القول الذي أثار به غيرة المسلمين حتى غدا بين يوم وليله حديث التريند، لكنه للأسف مع طوني خليفة؟! في المشهد أصر على قوله وقال اعتذاري فقط عن الألم الذي سببته لزوجتي التي تعرضت للهجوم عبر الشبكة لا حول ولا قوة الا بالله.

أقول : والله من وراء القصد

أولا : قضية إنكار فرضية الحجاب للمرأة المسلمة ليست جديده ، وإنما هي إحياء لشبهة قد رد أهل العلم عليها من زمن طويل .

ثانيا : كان الأجدر بالشيخ الكريم إن حسُنت النوايا والسرائر إذا وقع في شبهة أن يعود إلى أهل العلم ، لا أن يخرج على وسائل الإعلام يثير فتنة في المجتمع بشكل عام وبين المسلمين بشكل خاص . 

ثالثا : إذا كان يبحث عن أدلة في فرضية الحجاب للمرأة المسلمة فعلية بصورة النور التي بدأها الحق سبحانه وتعالى بقوله : ( سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) فهل بعد بيان الله تعالى بيان، وهل بعد قول الحق سبحانه " فرضناها " اختلاف .

رابعا : قول الحق سبحانه وتعالى : ( وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ) المقصود بالخمار في لغة العرب هو مايخمر به الرأس أي يُغطى ، ومعناها أن تأخذ المرأة طرف خمارها الذي على رأسها وتخطي به مكان فتحة الثوب من صدرها فليس من المعقول أن تغطي الرأس وتترك ماهو أكثر زينة وفتنه .

خامسا : ونحن نعلم أقوال أهل العلم في القدر المباح إظهاره من المرأة إلا أن الجمهور اتفق على أنه الوجه والكفين مع إجماع الجميع على فرضية الحجاب وأنه من المعلوم من الدين بالضرورة ومن أنكره يُتهم في دينه ، إلا من شبهة مثل ماحدث لشيخ تونس ، وليس له ملجأ إلا الرجوع إلي الراسخين في العلم .

سادسا : استدلال الشيخ بحديث أسماء رضي الله عنها فلا يصلح له الاستناد إليه فيما يدعي حيث أنه يُناقش صحة الحديث الذي قال فيه أهل العلم أن فيه مقال ،فما الجديد الذي جاء به، وكيف يلتفت إلى نقد حديث أسماء رضي الله عنها ولا يلتفت إلى نص القرآن الكريم القاضي بفرضية الحجاب، واستصحاب حال النساء في عصر النبي صل الله عليه وسلم الذي أجمع عليه أهل العلم الذين يعتد بأقوالهم، ومن أمحل المحال أن يجتمعوا على ضلالة . 

سابعا : أما استدلاله بأثر لا يصح عن عمر رضي الله عنه من أنه كان يأمر الإماء بخلع الحجاب تمييزا لهن عن الحرائر  فهو فهم مغلوط لأمور : 

الأول : إذا كان الشيخ أقنع زوجته أن تترك الحجاب فأتسائل هل هي حرة أم أمة حتى يقتدي بهذه القصة الواهية .

الثاني : أن الأثر لا يصح عن عمر رضي الله عنه فكيف لنا أن نصدق هذه القصة الواهية في صحابي جليل كان الله تعالى عند قلبه ولسانه ، وليس هذا فحسب بل كان يفر منه الشيطان بشهادة من لا ينطق عن الهوى .

الثالث : وعلى فرض صدق القصة فليس فيها دليل على التمييز أو ترك الحجاب  من قريب أو بعيد ، ولو عرف كيف كان يُعامل العبيد قبل الإسلام لفقه القضية ، فقد كانت الأمة أو العبد يُباع مثل الحيوان في السوق ، ويتم فحصه كما يفحص الفلاح الحيوان عند شراءه من أعلاه إلى أسفله حتى موطن العورة المغلظة ، فهل تعتقد أن الأمة إذا لبست الحجاب وألفت الستر الكامل هل يسهل عليها الكشف عند الشراء أو البيع ؟ اللهم لا ، لذا خفف الشرع عنها في كثير من الأحكام حتى في عقوبة الزنا فعليها نصف الجلد وليس عليها رجم؛ لأنه لا يتنصف ، ولأن توقع وقوعها في الزنا تحت سيف الرق أمر غالب ، وهذا قمة العدل والإنصاف والرحمة التي جاءت بها شريعة الإسلام 

ثامنا : أقول لشيخنا الفاضل المسلم حينما يكون في موقع القدوة يجب أن يتحرى أقواله وأفعاله ظاهرا وباطنا ؛لأن العامة يقتدون به ، ولنا أسوة في العبد الصالح الإمام أحمد بن حنبل حينما حدثت مشكلة خلق القرآن ورفض القول بخلق القرآن وتحمل التعذيب ، وحينما قيل له ياإمام قلها ظاهرا لتنجوا من البطش والتعذيب رفض؛ لأن التقية لا تجوز للأئمة الذي يُقتدى بهم ويُهتدى بهديهم حتى لا يضل الناس .


(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) (8) آل عمران




Share To: