الهيمنة الشعرية على ذائقة المتلقي | بقلم الأديب العراقي عماد ألدعمي


الهيمنة الشعرية على ذائقة المتلقي | بقلم الأديب العراقي عماد ألدعمي

 

الثقة بموهبة وقدرة الشاعر تؤثر تأثيرا كبيرا في عملية القراءة والقارئ ،فالشعراء الكبار محط أنظار المتلقين كافة كالنقاد والباحثين والمتذوقين للشعر كافة بغض النظر عن درجاتهم ومدى مداركهم للشعر العربي ، فالفرزدق والمتنبي وأبو تمام ... وغيرهم من فطاحل الشعر وصل بهم الأمر أنهم لا يسألون عما يكتبون وقد وضعت الشروح غايتها القصوى في قصائدهم وما زالت جارية وللآن .

إن أغلب المقاييس للشعر تأتي من خلال اللغة وتراكيبها ومعانيها ومدى استقامتها وفق أنظمة خاصة وضعها المتخصصون في مجال اللغة وغالبية الشروح تعتمد على هذه المقاييس والأسس ، أما المقاييس الحسية الذوقية فأمرها يحتاج فطنة وذائقة قوية تهز وجدان المتلقي مهما تكن درجته من العلمية وهذه العملية هي قمة السلطة الشعرية .

إن الكشف عن أبعاد النص لا يعتمد على الأسس فحسب ، لأن عملية الذائقة لدى المتلقي مهمة جدا ومن خلالها استذوق العرب الشعر فليس جميع العرب علماء في اللغة وقوانينها حتى وصل الأمر بالجاريات يحفظن الشعر ويطربن معه ووصل بالبسطاء أن يعشقوا الشعر وذلك يعود لسلطة الشعر الروحية وهيمنته على المتلقي مع تعدد الآفاق الواسعة لعملية التخيل والأفق المختلفة لدى المتلقي عند الولوج بالشعر والغوص في عمق النصوص وتلك السمة خاصة بالشعر وتعد من الأسباب القوية لهيمنة الشعر على فنون الأدب .

إن الخطاب الشعري منذ وجود الشعر وللآن يحاكي النفوس ويدخل القلوب وكأنه ترجمة لأحاسيس الناس في كل زمان ومكان وهذه السطوة الكبيرة على النفوس جعلت من الشعر العربي أن لا يموت أبدا مهما دارت الدنيا ومهما اختلفت الحياة وتطورت ، وذلك يعود لعملية الابتكار وخلق التجديد فالكل ينتظر ما سيأتي به الشاعر من جديد ومن إبداع يهز الوجدان ويجعلنا منغمسين في عالم جديد لم نعرفه من قبل ، وهذا يولد لدينا أن عملية الخلق والإبداع والابتكار في النصوص الشعرية هي سر تواجد الشعر في كل الأزمنة ، ومن خلال هذه العملية نستطيع معرفة التفاوت بين الشعراء وذلك من خلال الهيمنة الشعرية على أكثر المتلقين والتي لا تحدث إلا من خلال الإبداع والابتكار والتجديد بما لم يطرق سابقا، وإن كان موجودا ولكنه جاءنا بطريقة أقوى من التي جاء بها مسبقا.




Share To: