جواز قول "صباح الخير" | بقلم دكتورة روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
اعتاد كثير من الناس على إلقاء التحية على بعضهم البعض بقول ( صباح الخير ) فيرد الآخر ( صباح النور ) أو ( مساء الخير ) فيرد الآخر ( مساء النور ) أوقريباً من ذلك ، فما حكم التحية بهذه الألفاظ في ميزان الشريعة الإسلامية ؟؟
أقول وبالله التوفيق : علمنا الله تعالى في كتابه العزيز أن نرد التحية بأحسن منها أو مثلها قال تعالى : ( وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ) (86) النساء ، كما بين لنا القرآن الكريم أن تحية أهل الجنة هي السلام ، في قوله : (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ ) يونس آية 10 ، وأوضح لنا رسولنا الكريم أن تحية الإسلام هي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فالأولى للمسلم أن يمتثل لتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم خاصة عند البدأ بالسلام ، أما من غلبته العادة في قول صباح الخير أو مساء الخير فلا حرج ، لقوله تعالى : (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) ، البقرة 286 ، وقول النبي (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه) حسن ، وحينما تغلبنا العادة في بعض الألفاظ فهذا إكره معنوي لا نُلام فيه ، خاصة وقد قال صلى الله عليه وسلم : " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه مااستطعتم " متفق عليه......، أما أن يترك المسلم تحية الإسلام عمداً ويجنح إلى قول صباح الخير أو مساء الخير فهذه إساءة ومجافاة للسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فيُحرم أجرالعمل بها وهي عشر حسنات في السلام عليكم ، وثلاثون في تمام التحية .
والأكمل في ذلك أن يُلقي تحية الإسلام أولاً ، ثم يتلوها بقول صباح الخير أو ماشاء .
أما قول بعضهم عند اللقاء : هاي أو جود مورننج ، أو الرد على الآخر بنفس اللغة مثل أوكى ، أزيولايك وخلط العربية بغيرها فأقول ماقاله شاعر النيل حافظ إبراهيم :
أيهجرني قومي عفا الله عنهم ........إلى لغة لم تتصل برواة
سرت لوثة الإفرنج فيها كما سرى .......لعاب الأفاعي في مسيل فرات
فجاءت كثوب ضم سبعين رقعة .......مشكلة الألوان مختلفات
ومع ذلك فمن ترك تحية الإسلام إلى غيرها سواء كان باللغة العربية أم غيرها فقد أساء بتركه سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وحُرم أجرها وأجر من عمل بها بعده ، لكن لا يأثم لهذا العدول عن تحية الإسلام إلا إذا كان منكراً لها أو يخجل من قولها خاصة بين من لا تنتشر فيهم تحية الإسلام حتى ولو كانوا مسلمين .
ومن أغرب ماسمعت أن بعض الباحثين قالوا في صباح الخير ومساء الخير أنهما تحية المجوس الذين يعتقدون بقوتين : الخير والشر ، يمثلهما: النور والظلمة. وللمجوسي إله للخير أو النور، وإله للشر أو الظلمة، وهما يتنازعان السيطرة على العالم.
وهذا الكلام لا دليل عليه لا من كتاب ولاسنة ولا إجماع ولاقياس معتبر، والأمر فيه سعة إن شاء الله ، وقد كانت تحية العرب قبل الإسلام ( عمت صباحاً ) ، ( عمت مساءً ) أي نعم صباحك، ونعم مساؤك؛ فعشت سعيدا متنعما بنفسك ومالك ، وقيل فالبيت المنسوب إلى عنترة:
يا دار عبلــة بالجــواء تكلمــي ....... وعمي صباحا دار عبلة واسلمي
وقد استبدل بها الإسلام السلام ، و لو أن هذه التحية بمثل هذه الألفاظ منكرة أو محرمة لنهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم ، وأيضا المراد من قولنا صباح الخير ، يعني تجد الخير في صباحك ، ومساء الخير تجد الخير في مسائك ، فهو من قبيل الدعاء ، ولذا أقول لا إثم في قول صباح الخير ـ أو مساء الخير أو غيرهما ، وخاصة لدى العامة ، وإن كانت خلاف الأولى ، فقد أقمت في القرية وقتاً ليس بالقصير من عمري ، وكانت عادة السلام في القرية خاصة داخل البيت الواحد هي صباح الخير ، ورحمها الله تعالى أم زوجي وأسكنها فسيح جناته ماكانت تراني في الصباح إلا بادرتني أولاً بقولها ( ياصباح الخير ) . والله تعالى أعلى وأعلم .
Post A Comment: