من ترك أمرًا لله.. أبدله الله خيرًا منه! | بقلم الكاتبة اللبنانية أ. دعاء قاسم منصور




لم أعتد يومًا على كتابة نصوص تنقل وجهة نظري الدينية، وما إذا كنتُ مقربةً إلى الله أم بعيدة! لأنني عادةً ما كنتُ أعتبر أنَّ هذا الأمر حصري بيني وبين خالقي وأنني مهما فعلت فأنني شديدة التقصير فلا يحق لي إبداء الرأي بأمر لست على درايةٍ عميقة به! ولستُ بالملتزمة لأبعد الحدود، فلا زلتُ أحتاج الكثير...

لكن ما دفعني اليوم لِخطّ هذه الكلمات، هي عبارة استوقفتني قالها أمامي مُدرِّجي بأنّ "من تركَ أمرًا لله أبدله الله خيرًا منه"، استجمعتُ حينها اللحظات التي أبكتني عندما أفلتها، على أيام قضيتها حامدةً شاكرةً، على تعبٍ ومرضٍ بسبب الحزن والقهر على أمور لا تستحق ثانيةً من عمري، على أمور رفضت القبول بها بسبب أنّها تُغضِب خالقي وليس عبده، لأنني ترعرعت على أخلاق ودين ومحبّة ومبادئ لا يجوز تخطيها لأنّها حدود الله وويل لمن يتعدّى حدود خالقه! وحينها أخذتني الأفكار لو أنني لم أحزن يومًا على أمور تركتها لله، فلو نعلم خبايا الله لنا لما بكينا أو حزِنا أو تعِبنا... لأدركنا معنى "لا يكلِّف الله نفسًا إلّا وسعها"، ولو أنّ الله ما رأى بنا قوة كافية للتحمّل والتخطّي لما وضعنا في الموقف الموجع والقاسي، لما اختبر إيماننا به، لما امتحننا بوضعنا أمام خيارات تُغضِبه وتُبعِدنا عنه ليرى مدى تعلّقنا به! 

عُدتُ حينها للكثير من اللحظات والأيام والليالي، للكثير من الدعوات التي رَجَوْتُ بها الله تبديل الأمور لتُصبِح راضيةً له وأكون مَرضيةً له باختياري وراضية عمّا أنا به... عُدتُ للحظات اخترت بها ديني على حساب دنياي  وسعادة مؤقتة في دنيا فانية... وأكثر من ذلك، هذه العبارة خطّت في مخيلتي المعبر الذي سأسير عليه في حياة أعيشها يومًا بيوم، أطمح على متابعتها راضيةً مَرضيّة، لأقابل بعدها خالقي بقلب نقي بعيد عن الأذى، والكره والبُغض والمكائد، واستبشرت خيرًا بأنّ الله يسمع ويرى، ويعلم كم من الأمور كان من الصعب إفلاتها، كم من الخطوات التي اتخذناها خوفًا من غضبه ليس إلّا، كم من الآلام التي عانينا منها ونحن لا نعلم ما الذي يُخلّفه الخالق لنا... 

فلنُرتّب أيامنا على هذه العبارة، فقبل اتخاذنا أي قرار ومهما كان يدرّ علينا بالنفع والسعد، فلنفكّر به مليًا، إن كان ممّا هو لله!! ونفلت أيدينا منه إن كان على العكس بدون تردد لأن ما يُخبئه الله هو أكثر من ذلك بأضعاف وبكامل اليقين بأنّه سيكون كذلك، وإن لم يكن في دنيانا سيكون في ميزان حسناتنا... 

لأختم بعبارة أخرى لامست قلبي قرأتها في أكثر وقت، كنتُ بحاجة لساند وداعم، كنتُ حزينة للغاية، وجعلتني أرسم ابتسامة أمل وبدّلت أفكاري، وقالها الشعراوي في أحد أيامه بأنّه "لو عَلِمَ العبد مقاصد الأقدار... لبكى من سوء ظنه بالله"



Share To: