موتٌ غير تقليدي | بقلم الكاتبة اللبنانية نسرين حرب


موتٌ غير تقليدي | بقلم الكاتبة اللبنانية نسرين حرب



 اعوذ بالله من الشيطان الرجيم 

بسم الله الرحمن الرحيم   

و إذ بوَّأنا لإبراهيمَ مكان البيت أن لا تشركَ بي شيئاً و طهِّر بيتي للطائفين والقائمين و الركَّعِ السجود . ٢٦/ سورة الحج 


         ألموت ليس تقليديّاً . نمر بحالات احتضار من آن لآن لا يحضر فيها ملاك الموت و لا أحبة من العالم الآخر جاؤوا لاصطحابنا معهم . ليس موتاً دماغياً فأنت حاضرٌ ، وليس توقفاً لعمل القلب فما زلنا نسمع دقاته المتلاحقة بانتظام بطيئة أحياناً سريعة أحياناً أخرى . يكون الإنسان تائهاً لا يفهم ما يحدث له فيتخبط و يضيع و يغرق ثم يتخبط ويغرس في الوحل أكثر فأكثر حتى يهلك ،  أو واعياً جداً لكثافة اللحظة ، فيسمح للتغيير أن يحدثَ ، و يسلِّمُ فهذا ميقات ميلاد جديد ؛ إنما هو موت مؤقت من أجل الحياة .  يستيقظ في لحظة كلمح البصر أو هي أقرب ،  يريد التخلص من طفيليات عالقة  ملتصقة في زوايا كيانه المغيبة ؛ لقد نوى أن يتزكى و يتطهر من كل الكراكيب البالية التي أنقضت ظهره . يشتد الألم  كثيراً  و يشتدّ بنا الوهن  . لكنّ  الألم مصحوبٌ بالمخاض و لا مخاض دون ألم ؛   لا بد للجنين أن يخرج سليماً من الظلمات إلى النور بأية وسيلة !  كم  أم ماتت أثناء أو بعد ولادة متعسرة لكن طفلها نجا ؟!  وكم أم قالوا لها أعيني ولدك  في أوج الألم من أجل الخلاص ؟! 

سلِّم للتغيير القادم ، لا تقاوم و لا تخف و اطمئنّ فبعد التخلي تتجلّى و تحلو !  فالقلب حرم الله و بيته العتيق  فلا تشرك به شيئاً وطهره للطائفين و القائمين و الركَّع السجود ؛ لأنك الطالب و المطلوب ، و إنما الموت مقدمة البعث و زوال الحجب .


و كذلك نبعث من آنٍ

 لآنٍ من جديد 

وتطربنا الحياة

 ويؤنسُنا  القصيد 

نتناول بالكفوف

 العطايا ،

إذا ما انهمر المطر . 


  

  

Share To: