مركز العلاج النفسي | قصة قصيرة بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
السلام عليكم ،
مركز العلاج النفسي :
ذهب للطبيب النفسي بعد أنْ تدهورت حالته النفسية للغاية ولم يَعُد الحديث يُجدي مع أي شخص مهما كان قريباً منه ، كان بحاجة للحديث مع شخص غريب لا يعلمه بحيث يسرد له كل التفاصيل التي تؤرق حياته ، تُصيبه بتلك الحالة المذرية التي لا يتمكن من الخلاص منها مهما قدَّم من محاولات ومهما تَقدَّم به العمر ، بدأ أول جلسة ، في البداية انتابه بعض الخوف فهو لم يَعْتَد التردد على مكان كهذا ولكنه قاوم تلك المخاوف وشرع في الكلام المُرسَل الذي لم يفكر فيه وكأنه يروي كل ما حدث بحياته منذ كان طفلاً صغيراً مروراً بالمراحل المختلفة التي عاشها إلى أنْ وصل لتلك المرحلة التي أفقدته ثقته بنفسه ودمرت حياته حينما تعرض لفشل تلو الآخر لم يتمكن من تجاوزه حتى وإنْ حاول تحقيق أي نجاح في أي أمر آخر ، فلقد ترك هذا الفشل أثراً جانبياً في نفسه لم يستطع التعامل معه ولم يعترف بأن الفشل هو بداية طريق النجاح في مجالات أخرى أو حتى علاقات أخرى ، لم يعلم أنه كان سوء اختيار في أي شأن من شئون حياته ، لم يرغب في تجريب شيء جديد ، ربما توقفت به عجلة الزمن عند تلك المرحلة من حياته وكأنه صار عاجزاً عن التقدم ، شرَح كل ما دار بخُلده للطبيب النفسي الذي رآه للوهلة الأولى مستشاراً لحل أزماته وفَكْ عقدته فقدَّم له بعض الإرشادات الواجب عليه اتباعها كي تتحسن حالته وأشار عليه ببعض الأدوية والعقاقير الطبية التي قد تُهدئ من روعه إنْ أصابه أي مكروه أو عصف به الاكتئاب ذات ليلة ، ونصحه ألا يترك ذاته لتلك الأفكار العنيفة كي لا تُحطِّم نفسيته ويعود لنقطة الصفر مرة أخرى بل أنه طلب منه إجراءً بسيطاً ككتابة ورقة بها بعض المهام التي من المفترض أنْ يُلزِم نفسه بالقيام بها حتى يستغل وقته في أمر مفيد بدلاً من ضياعه في التفكير والتحسر على الماضي دون تقديم شيء للمستقبل ، فما هذا إلا تبطر على النِعم التي تحيط به من كل صوب وحدب ، نصحه باتباع تلك الأوامر وتسجيل النتيجة في ورقة جانبية وعَرضِها عليه في الجلسة القادمة ليُتابعا التطور الذي طرأ عليه سوياً وفي حالة عدم تحققه عليهما البحث عن خطة أخرى كي يصير في حال أفضل ويتقدم خُطوات عديدة في حياته ، انصرف المريض وهو يحاول تَذكُّر تلك الكلمات التي تفوه بها الطبيب في محاولة للاقتناع بها ولكنه قرر الالتزام بها عساه يجد التَغيُّر الذي يصبو إليه منذ قديم الأزل ثم يعود إليه في المرات التالية إنْ وجد منه أي رجاء أو مساهمة في عودته لحياته المبهجة المليئة بالمَسرات والأمل ...
Post A Comment: