محمد الإدريسي.. الباحث عن الجمال | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد
هو ليس مجرد باحثٍ عن الجمال كما يعرف عن نفسه، بل هو مبدع متميز يمتلك موهبة كبيرة في التصوير الفوتوغرافي تخوله أن يتنقل برشاقة بين الأماكن والوجوه والألوان والبلدان لإنتقاء اللقطات الساحرة والمبهرة بمستوىً لا يقل عن أهم الأسماء العالمية، فشغفه بالكاميرا وإخلاصه لها جعل من تجربته عنواناً للتفرد والتنوع دون أن تغيب البساطة عن روحه وروح ما يقدمه من مشاهد خلابة تحمل توقيعه.. توقيع المصور الفوتوغرافي المغربي محمد الإدريسي..
يلحظ المتتبع لأعمال (الإدريسي) ثقافة بصرية واسعة وعيناً تمتاز بالذكاء والقدرة على التشكل حسب الحالة والمكان والزمان الذي يتواجد فيه، فاستطاع أن يستلهم من بيئته الأم في المغرب الكثير مما يمكننا اعتباره لوحاتٍ فنية رائعة بدءاً من تغطيته للمناسبات الوطنية والتراث الشعبي الذي أبرز جماليته وأصالته واختار أن يعرضه من زاوية عصرية ومبتكرة دون المساس بروحه، مروراً بتقديمه تفاصيل المعمار المغربي بأبهى حلة خاصةً وأن هذا الإرث الثقافي والحضاري هو شاهدٌ على امتزاج الحضارات بين مشرقية ومغربية وعربية وأمازيغية وأندلسية وأوروبية، والتي لا ينبغي أن تمر دون أن تأخذ حقها من التكريم والإحتفاء، وصولاً إلى محطة خاصة جداً في مسيرته وهي اهتمامه بالطبيعة والحياة البرية والسلالات النادرة من الطيور والكائنات التي تعيش بين الصحاري والغابات والجبال بطريقةٍ تنم عن حرفيةٍ عالية تتطلب الكثير من الجهد والصبر واليقظة والجهوزية لإقتناص لحظاتٍ تبدو بسيطةً للوهلة الأولى، لكن من يتعامل مع الحيوانات وعالمها يدرك كم الوقت الذي تستغرقه لقطة واحدة تحتاج إلى طقوسٍ خاصة، كالتواجد في أماكن معينة وارتداء ملابس تتشابه مع مكونات الطبيعة عدا عن التخفي لفتراتٍ طويلة بين النباتات والأشجار في ظروفٍ جوية متقلبة بين شدة الحرارة وشدة البرودة..
كما أن حبه للتجديد واختبار تجارب مختلفة جعله يقدم نماذج جميلة للتصوير المعماري سواءًا كان ذلك داخل المغرب أو خارجه ضمن رحلاته وجولاته، فأخرجها من إطارها التقليدي الجامد ليصنع منها أعمالاً تضج بالحياة مضيفاً إلى رصيده المتنوع والزاخر باللقطات الفريدة، فقد استطاع محمد الإدريسي أن يجعل من الكثير من الأماكن التي تبدو محايدة قادرةً على التعبير عن الكثير من المشاعر الإنسانية التي تستدعي التأمل والتفكير والتوقف عندها..
إضافةً إلى مشاركته في الكثير من المسابقات التي تحتفي بفن التصوير الفوتوغرافي كمتسابق أو كعضو في لجنة التحكيم بناءاً على تجربته التي لا يتوانى فيها عن ارشاد غيره من المصورين الذين لا زالوا في بداية طريقهم، وبالطبع فإن تكريمه الأهم كان مشاركته في تأريخ التراث الوطني، ومع كل هذا نرى وجود مسحةٍ إنسانية تغلف الكثير من صور محمد الإدريسي فتضفي عليها بعداً آخر يزيدها عمقاً ويجعلها ذات أثرٍ أكبر في نفس المتفرج الذي سيدرك بعد استعراض مجموعةٍ من أعمال مصورنا أنه في حضرة مبدعٍ له بصمته الخاصة التي تقتنص كل لحظةٍ جميلة فينتشلها من غياهب النسيان لينقلها إلى رحاب الديمومة..
خالد جهاد..
محمد الإدريسي |
خالد جهاد |
Post A Comment: