الشماته والتشفي في مصائب أهل الفن | بقلم الدكتورة روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


الشماته والتشفي في مصائب أهل الفن | بقلم الدكتورة روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة


 

أرسل الله سبحانه وتعالى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق رحمة للعالمين ، وجاءت شريعته متممة ومكملة للمنهج الإلهي في الخلق ، والذي من أهم أركانه تربية النفس الإنسانية على الخلق الحميده ظاهرا وباطناً ، فلم تكتف الشريعة الصالحة لكل زمان ومكان بمعالجة أمراض الأخلاق في الظاهر بل اهتمت أيما اهتمام ببواطن النفس الإنسانية ومكنوناتها ، إصلاحا للقلوب والتي بصلاحها تصلح الأبدان للقيام بما أُنيط بها من تكاليف دينية ودنيوية ، وتُصلح العقول للقيام بكل مامن شأنه يعود بالخير والنفع على الناس كافة وحب الخير للآخرين ، والعفو عند المقدرة ، والدفع بالتي هي أحسن ، وهدفت الشريعة من خلال هذا الركن الوقاية من أمراض القلوب والتي منها الشماتة والتشفي فيما يقع بالآخر من مصائب وكوارث وأمراض  وغيرها من نوائب الدهر ، ذاك الخلق الذميم الذي كان يتعوذ منه رسولنا الكريم ؛ لأنه خلق الكفار والمنافقين الذين كانوا يفرحون بالنوائب التي تقع بالمسلمين ، ويحزنون إذا أصابتهم نعمة ، وإذا كان هذا خلق الكفار والمنافقين فقد حرُم على المسلم الوقوع فيه ، بل جعلت الشريعة الغراء حب الخير للآخرين دلالة من دلالت الإيمان ، فكما يحب الإنسان لنفسه ألا يشمت به عدوا ولا حاسدا ، فلا يحبه أيضا للآخرين ، ولا يأمن الشامت أن يقع به في الدنيا مثل ماوقع بالمشموت به ، لذا نهانا معلم البشرية في جوامع كلمه حيث قال : " لا تظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك " الترمذي بإسناد حسن ، وللأسف شاهدنا على مواقع التواصل الاجتماعي تحليلات ماأنزل الله بها من سلطان حول وفاة نجل الفنان حسن يوسف غرقا ،وتفسيرات تربط بين حادث الغرق ومهنة الأسرة ، ونسي المحلل أن(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ) الرحمن 26، ونسي قوله تعالى  : (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ) الرعد 38، وقوله تعالى (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ) الزمر ، 30 ، ، وهل الموت بعيد عن صاحب هذا التفسير ؟ اللهم لا ، من ابتلاه الله تعالى بمصيبة الموت والفقد في أحب الناس إليه يحتاج إلى الدعم النفسي والرحمة والتصبير والتذكير بالله تعالى ، فضلا عن الدعاء لهم ولميتهم ، اللهم اغفر لعبدك عبد الله حسن يوسف وتغمده بواسع فضلك ورحمتك ، اللهم طهره من ذنوبه وخطاياه واغسله بالماء والثلج والبرد ، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا ، واربط على قلب والديه وإخوته ، وارزقهم الصبر والسلوان (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) البقرة 156 .




Share To: