دعوى الويك إند & البارت تايم | بقلم أ.د روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
انتشر منذ عدة أيام فيدوا يدعو ناشره إلى مايسميه – على حد قوله زواج الويك إند أو البارت تايم ، والذي يعني أن تتزوج المرأة زواجاُ شرعيا مكتمل الأركان والشروط بعقد وولي وشهود وإعلان ، إلا أن الزوج لايلتقي بها لقاء الأزواج إلا في أجازة الأسبوع الجمعة والسبت ، وانتصر لهذه الدعوى وبين أنها مناسبة للأرامل والمطلقات وخاصة إذا كان لديهما أولاد ، فبدلا من أن يسكن الزوج معها ومع أولادها في بيت واحد طوال الأسبوع وقد يكونوا في مرحلة الشباب وفي ذلك من الحرج مافيه سواء للأبناء أو البنات ، يأتيها يومين في الأسبوع فقط ، وفي هذا من المصالح مالا يخفى من ذلك ، تحصيل العفة وهي مطلب شرعي ، والثاني مراعاة مشاعر وخصوصية الأولاد ، وبالنظر إلى هذه الدعوى التي أطلقها قائلها نقول الزواج ميثاق غليظ وعقد عظيم له قدسيته ، وضعت له الشريعة الإسلامية كافة التدابير اللازمة لضمان استمراره في إطار من القيم والأخلاق والمثل العليا ، وحينما شرعه الله تعالى شرعه بمصطلح زواج دون إضافة وصف له فقال تعالى : ( فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ...) النساء 1، وقال صل الله عليه وسلم : " يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ من اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فإنه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لم يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فإنه له وِجَاءٌ " متفق عليه ، ولأن تقييد الزواج بالوصف عادة جاهلية فقد كان الزواج في الجاهلية على أربعة أنحاء منه نكاح الاستبضاع ، ومنه نكاح صاحبات الرايات ، ومنه نكاح الناس اليوم وهو أن يتقدم الرجل إلى ولي المرأة يطلبها للزواج بشهود وإعلان ، فلما جاء الإسلام هدم جميع أنكحة الجاهلية إلا نكاح الناس اليوم ، ومع إقرار الإسلام بمشروعية الزواج الذي هو سنة الله في خلقه إلا أن كل عقد له ظروفه الخاصة ، فنجد زوجا يقوم بإعداد بيت الزوجية وتنتقل الزوجة إليه بعد الدخول المعلن وهذا هو الغالب ، وآخر يسكن مع زوجته في بيت أهلها لظروف يقدرها الطرفان ، وهناك من يتزوج ويسافر بموافقة زوجته ويلتقي معها في العام مرة أو مرتين ، وآخر يترك زوجته ويسعى لطلب الرزق طوال الأسبوع وقد يكون في محافظة أخرى غير التي تزوج بها ويلتقي بزوجته مرة كل أسبوع أو أسبوعين أو شهر ، وغير ذلك من الحالات التي لا تُعد ولا تُحصى ، وكل ذلك مقبول عرفا وشرعا تراضى الأهلون مالم تنتهك محارم الله تعالى ، ولم يرد بطريق صحيح أو سقيم أن هناك وصف يُقيد به الزواج إلا في الأنكحة المنهي عنها مثل زواج المتعة ، وزواج الشغار ، وزواج التحليل ، إن إضافة الوصف إلى الزواج يضعفه وينقض قدسيته ، ويجعله كالريشة في مهب الريح ، نحن لا ننكر زواج المطلقة أو الأرملة التي تعول ، فقد تزوج النبي صل الله عليه وسلم من السيدة خديجة رضي الله عنها وكذا السيدة أم سلمة رضي الله عنها ولهما عقب من غيره صل الله عليه وسلم ، ولم يضع النبي صل الله عليه وسلبم وصفا لزواجهما ، وأيضا كان هناك من الصحابيات الجليلات رضي الله عنهن الأرملة والمطلقة التي تعول وكانت تتزوج زواجا شرعيا دون وصف يُقيد به هذا الزواج ، إن دعوى الويك إند وإن كان العقد فيها مكتمل الأركان والشروط إلا أن هذا الوصف لا يليق بالمرأة المسلمة وفيه امتهان لكرامتها بل لكرامة أولادها التي تعتقد أنها تحافظ عليها ، ومصير هذه الدعوى مثل أخواتها فريند ، والمسيار ، والوشم ، والدم إلى زوال ، الزواج سنة رب العالمين وإسعاد الرسول الأمين ، وألفت نظر قائل الدعوى أنه عند عقد الزواج يقول الزوج للولي تزوجت ابنتك أو أختك على كتاب الله تعالى وعلى سنة رسول الله صل الله عليه وسلم ، وكذلك يقول الولي للزوج زوجتك بنتي أو أختي على كتاب الله وعلى سنة رسول الله صل الله عليه وسلم ، وهذا شرط لصحة الزواج ، والمسلمون على شروطهم ، فهل في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صل الله عليه وسلم زواج الويك إند أو البارت تايم ، اللهم لا .
Post A Comment: